الكثرة العظمى من أبطال الرياضة الذين يقعون فريسة النزاع الدائم بين نداءين: نداء القلب ونداء الواجب الرياضي الذي يطالبهم بالابتعاد عن النساء كيما يحتفظوا بعناصر القوة فيهم. وينتهي بهم الأمر إلى انتصار النزعة الرياضية وعبادة القوة والمجد فيتضاءل مركز المرأة في نظرهم. وهو لذلك لا يؤمنون بالحب العاطفي. فالحب في نظرهم ميل جسدي إذا ما تحقق مات ما يسميه الناس بالحب، ولذا نرى (البان) يرفض حب القلب بقسوة
ولألبان هذا رأي غريب إلى حد ما. فهو يقول إن العالم خاضع لفلسفتين: فلسفة النساء وفلسفة الرجال. فالأولى تتمسك بالديمقراطية، أما الثانية - وهي التي يؤمن بها بعناد - فهي تتشبث بالماضي المجيد وبالقومية.
وفي قصة , (١٩٢٤) نرى منترلان يبرر اهتمامه بالألعاب الرياضية إذ يعتبرها مرحلة من مراحل تحقيق الشخصية، على أن فكرته في علاقة الرياضة بتكوين الشخصية تتكرر بشكل أقوى بروزاً في قصة (مصارعي الوحوش)(١٩٢٦). إذ يعرض لنا منترلان نوعاً من أنواع المخاطرة الجريئة، تلك التي يستهدف لها مصارعو الثيران بعرضها مصاغة في قالب بارع يدفعنا لاحترام أولئك المصارعين البواسل الذين يغامرون بحياتهم حباً في السيطرة وإظهاراً للقوة وامتحاناً لشخصياتهم التي لا تعتبر كاملة في نظرهم إذا عرفت للوجل معنى!
وقد كتب منترلان في هذه الفترة القصيرة من حياته الأدبية عدداً كبيراً من القصص أهمها عدا ما ذكرنا قصة (١٩٢٧)(١٩٢٨)(١٩٢٩). وكانت آخر قصصه قصة (العزاب)
والآن قد يتساءل القارئ. كيف يبشر منترلان بقيمة الألعاب الرياضية ويخصص أدبه لخدمتها والدعوة لنشرها وهو الناقم على مظاهر العنف، الثائر على نظام الجندية والحرب، الداعي إلى الأخاء والمحبة والتعاون؟ ومنترلان نفسه يحس بالتناقض الظاهر بين طبيعته الثائرة المتمردة وبين نظام الألعاب الرياضية الذي يدعو إليه وما فيه من معاني الترف البرجوازي. على أنه يقبل ذلك كارهاً غير مرتاح الضمير. يقبله كوسيلة لتحقيق فلسفته التي ترى في الألعاب الرياضية - كما ذكرنا - وسيلة لإبراز الشخصية والسمو بها على سائر الشخصيات التي تحيط بها. والواقع أن منترلان قد أجاد تصوير فكرته بطريقة غاية