وهذا وحده كفيل بأن يشعرهم الكرامة لأنفسهم ومعهدهم وبأن يكون عاملاً من العوامل المؤثرة في حسن توجيههم وأعدادهم لما ينتظر الناس أن يقوموا به من المساهمة في الخير العام لمصر والشرق والإسلام.
هذا وما يتصل به من إخراج الكتب العلمية والدينية إخراجاً علمياً ونقد المؤلفات العلمية نقداً علمياً أيضاً هو الهدف الأول مما اعتقده غرضاَ لإخراج مجلة الأزهر.
أما الهدف الثاني فهو إبراز صورة من النشاط الداخلي للأزهر وأقصد بالنشاط الداخلي ما يقوم به الأساتذة والمبرزون في الطلبة من البحوث وما يضعه الأساتذة والطلبة والمتخرجون من الرسائل ذوات القيمة، وما يبرزه هؤلاء وهؤلاء من المؤلفات أو يقومون لتحقيقيه من النظريات العلمية أو الاجتهادات أو التحقيقات التاريخية.
هذا رأي أبديه بعد ما عرف أن لجنة يرأسها الشيخ الأكبر قد وضعت لها منهاجاً تسير عليه في عهدها الجديد.
ولعل (الرسالة) - وعنايتها بالأزهر وبالثقافة الدينية مشهورة مشكورة - تستطيع في عددها القادم أن تنشر على الناس شيئاً مما رأته هذه اللجنة في إصلاح هذه المجلة فقد يجدون فيه ما يجعلهم يتوقعون أن يروا مجلة للأزهر جديرة بأن تحمل اسمه وتفصح عن رسالته.
ونحن نرجو (ونعتقد أن رجائنا سيكون أمراً واقعاً عما قريب) أن الأزهر في عهد الجديد سيقوم بما أعتقد أنه واجبه الأول. وهو رعاية الحياة الدينية في مصر وتوجيهما الوجهة الإصلاحية التي طال ترقب الناس لها والتي ظن كثير من المفكرين وأصحاب الرأي أن الأزهر قد تخلى عنها وأنه رضى لنفسه أن تكون حياته الحاضرة والمقبلة امتداداً لهذه الحياة التي عاشها قروناً طويلة، هذه الحياة التقليدية البعيدة عن روح العلم والنقد والفهم الصحيح والتي هي بعيدة أيضاً عن مسايرة الحياة والناس والزمان.
ومجلة الأزهر على هذا يجب أن تكون ميداناً من ميادين هذا التوجيه الإصلاحي الجديد لحياة الدينية في مصر والشرق.