علق الأديب زكي الحافظ الفيومي في العدد٦٩٠ من الرسالة الزاهرة على ماكتبناه في تحقيق ما ورد في الشابستي والعمري والزيات عن أبي شاس، وقلنا إنه تصحيف أبي نواس، وأوردنا الأدلة الكثيرة على ذلك، وذكرنا أننا لم نعثر لأبي شاس على ذكر في أي مصدر آخر غير ما ذكرناه، لكن الأديب الفيومي ذكر أننا تسرعنا في الحكم، وأنكر علينا حكمنا، وقال: لو رجع الأديب إلى مظان أسماء الشعراء لتحقق أن هناك شعراء يكنون بأبي شاس، منهم أبو شاس التميمي، وأبو شأس الطبري المذكوران في معجم الشعراء للمرزباني. ثم قال: هنالك شعراء يتسمون بأبي شأس منهم شأس بن نهار بن الأسود بن عبد القيس.
أقول:: لا أزال على رأيي الأول من أن هذا الاسم أبو شاس الذي مر ذكره في الشابستي والعمري والزيات هو تصحيف أبي نواس، وهذه الأدلة:
١ - طريقة الشابستي في كتابه الديارات أنه يعرف بالشاعر أولاً، ثم يذكر أخباره ونوادره وما له علاقة بموضوع كتابه، فذكر أبا شاس وعرف به، ثم ذكر أخباره، وفي كلامه على دير فيق ذكر شعراً لأبي نواس دون تعرف به، وكذلك فعل معه في الكلام على دير سرجس ودير هند.
٢ - إن هذا الشاعر الماجن الخليع الذي كان - على رأي الشابستي - أطبع الناس، مليح الشعر، كثير الوصف للخمر، لازم الديارات وتطرح بها، وفتن برهبانها ومن فيها، هو أبو نواس نفسه لا أبو شاس، لأن هذه النعوت التي وصفه بها تنطبق على أبي نواس، ولم يرو عن أبي شاس المزعوم مثل هذه النعوت أبداً.
٣ - ذكر الشابستي والعمري والزيات شعراً وجدته بنصه في شعر أبي نواس.
٤ - الممزق العبدي شاعر جاهلي واسمه شأس بن نهار، لم يرو عنه في الخمرة، وإنه تطرحفيالحانات، وإنه فتن برهبانها ومن فيها، وهو الذي يقول:
فإن كنت مأكولاً فكن أنت آكلي ... وإلا فأدركن ولما أمزق