فعل أرباب المذهب الاتباعي والابتداعي والواقعي في فرنسا مثلا؟؟ لم يكن شيء من ذلك، لأنهم لم يختلفوا كما اختلف الفرنج في الموضوع والينبوع حتى تتباين الأغراض من تلك المواضيع، وتتشعب المسالك إلى هذه الينابيع. وهل سمعت أن الناس اختلفوا يوم تركوا العلبة إلى الكوز والكوب والقدح والجام؟ أم علمت أنهم اختصموا كلما تغيرت موادها من الجلد إلى الخشب، ثم إلى الخزف. ثم إلي الزجاج، ثم إلى المعدن؟ كلا! لم يسمع أحد بذلك، لأن اللبن والماء وهما القصد والغاية لم يتغيرا منذ خلقهما الله. أما حين تغير الشراب من اللبن إلى الخمر فقد حدث الخلاف وتشعب الرأي وتعددت المذاهب.
الحق أن التجديد لا يحدث، والجديد لا يكون، الا متى وجد القِصص والتمثيل في الشعر فيكمل، ودخلت الأقصوصة والقصة والرواية في النثر فيتم. أما ادعاء التجديد بالدعوة إلى العامية وترجمة الأساليب الغربية فعجز يتظاهر بالقدرة، وجهل يتستر بالتحذلق!