النوع، فكلتاهما تفيض بمواطن الجرأة والمخاطرة ومواطن الإفضاء والصراحة. وإذا كانت ترجمة الفنان الإيطالي تعتبر في الأدب الغربي نموذجاً بديعاً للترجمة الشخصية، وقطعة رائعة من العرض الساحر والقصص الشائق، فان (تعريف) أبن خلدون يتبوأ مثل هذه المكانة في أدبنا العربي.
ولأثر تشلليني فوق ذلك أهمية تاريخية، فهو يصور لنا كثيراً من ألوان الحياة الاجتماعية في عصر الاحياء، وهو عصر تطور عظيم في تاريخ الإنسانية؛ وفيه وصف شائق لكثير من أحوال البابوات وبذخهم وقصورهم، ووصف لأخلاق الأحبار ودسائسهم واستغلالهم لطبقات المجتمع الأخرى، ووصف لأحوال الجمهوريات الإيطالية في ذلك العصر وأمرائها وسادتها؛ والخلاصة أنه يلقى أكبر الضياء على تاريخ عصر من أهم عصور إيطاليا، وعصر يعتبر بحق فجر التاريخ الحديث. وفي رأينا أن كتاب تشلليني من أجدر الآثار الغربية وأحقها بالترجمة العربية؛ وقد ترجم فعلاً من الإيطالية إلى جميع اللغات الأوربية؛ فعسى أن يتقدم بعض شبابنا المثقف فيتحفنا بترجمة عربية بديعة لذلك الأثر البديع.