غير أن ويلسون الذي لم يسبر غور الواجب الذي ألقي على عاتقه، ولم يحط بما يكتنفه من عقبات، رأى من غير روية ولا تبصر، انه من السهل عليه توحيد البشر. فقد حاول أن يرتق نظام ذلك الزمن البالي، وأن يجيزه كنظام جديد.
لم يحلم بتهذيب نظام النقد، ولم يفكر بالحاجة إلى انتشار النظام الاشتراكي في العالم، وانقلاب النظم التربوية انقلاباً شاملاً، قبل أن يكون في الإمكان استقرار السلام في العالم.
ولكن على الرغم من كل نقائصه يظهر أنه كان أبعد رجالات زمنه نظراً.
فجمعية الأمم هذه غير الناضجة، والعديمة الأثر، لم تساعد على توطيد السلام الدولي، وإنما على العكس من ذلك كانت حجر عثرة في سبيله؛ إذ منعت الناس أن يفكروا تفكيراً حراً في هذا الموضوع.
ومن المؤسسات التي وجدت لمساعدة جمعية الأمم وعرقلة مساعي ناقديها (جمعية الأمم البريطانية) فكانوا يقولون بأن (وجود جمعية الأمم خير من عدمه). وقد فاتهم أن البد الخاطئ أسوأ من عدمه.
في العشر سنين التي تلت الحرب العالمية لم تكن أفكار مجددة في السياسة العالمية يؤبه لها، ولم يرجع البشر إلى بحث توحيد العالم، إلا بعد أن ثبت لهم ثبوتاً لا شك فيه عدم صلاحية جمعية الأمم للغرض الذي كونت من أجله.
ظلت حركة (الحكومة العالمية) في الاثنتي عشرة سنة التي تلت تلوح وتختفي. وكان من الضروري أن تتوحد جهود محبي السلام والشيوعيين والاشتراكيين، وكل من سار على نهجهم من الذين حاولوا حل المعضلات الاجتماعية، وكانوا لا يزالون يقضون أوقاتهم في مناضلة بعضهم وفي التراشق بالتهم.
وعلى كل فقد انقضى منتصف القرن العشرين قبل أن يتسع نطاق الدعاية في العالم (للحكومة الحديثة).