عَفَن فاح من جماجمهم أهلي ... أشبهت ريحه صديد البلاء
ذكرتني الرمام عهداً تولى ... وزماناً مضى لغير لقاء!!
ذكرتني بأنفس وأفاع ... شرقت بالزعاف تحت سمائي
مسني غدرها فأضحك همي ... ثم أهدى لها الدوارَ وفائي
وبأخرى منحتها من وجودي ... نشوة الأمن واحتساب الرجاء
ورمتني بشرها فوقاني ... شر نفسي وشرة الأهواء
وبأخرى تظامأت تحت حسي ... فسقاها تنبلي وحيائي
شربتني وحين خارت قواها ... علمت أن حكمتي في دمائي
وبأخرى وأخريات تلوى ... تحت ماض يمور في أحشائي
آه من يبعد الرمام ويقصى ... فضلات البلى ودود الفناء
غير أن الرمام خير وأزكى ... من ذويها بعالم الأحياء
ذهب الركب والتقيت بنفسي ... بين أجداثها ومسرى الحياة
ومضى الناس أنفساً تتشهى ... جيفة الأرض وامتصاص الرفات
دنسوا مورد الحياة وفاتوا ... رجس أفواههم على الثمرات
عشت فيهم بظاهر من شعوري ... مشمئز النهى رضي السمات
ثم ضمدت بالزعاف جراحي!! ... وتغنيت للأصم شكاتي!!
يا لنفسي بها نَبيٌّ وطفل!! ... فهي فوق المدى وبين اللدات!!
تسع الكون غاية وابتداء ... ولها بعد ذاك في التافهات!!
يا لنفسي بها بشائر غيث ... يغمر الجدب ماؤه بالصَّلات
ويمد الظلال تهوي إليها ... أنفس الظامئين للرحمات
يا لنفسي بها بشائر نجم ... ينفح الليل نوره بالهبات
يكشف الستر عن كثير ويغشي ... في الدياجي مهازل الحرمات
يا لنفسي جهلتها. . . كيف غيري؟! ... ويح من خاض وهمه في صفاتي
خاطري كالسحاب ليس مقيما ... هو في الصبح غيره في الغداة
أنكروني مثلما. . . ليت شعري ... لو تراءت لهم معالم ذاتي!