الإنسان حين يحس بوحشيته في هذا العالم وتتوالى المظالم والنكبات عليه دون أن يعرف لها مبرراً أو تفسيرا. . . فلكي ننتزع الإنسان من استعباد القدرية ونحرر شخصيته ونرد له اعتباره يجب كما يرى مالرو أن نخلق له مجتمعاً واقعياً تسوده قوانين العلم والمنطق؛ مجتمعاً يحس فيه بوجوده ويدرك بين أحضانه أنه يعمل للمجموع ويعمل المجموع له. وهذا المجتمع لا يتحقق إلا بنظام اجتماعي تسوده العدالة والإخاء البشري وتبرز في ظلاله قوى الفرد ونواحي نشاطه لتتسلط بقوة العقل على قوى الطبيعة الغاشمة وتخضعها لخدمة الإنسان بدل أن تخضعه هي لطيشها وعتوها.
وأسلوب مالرو أسلوب حزين، عميق كتفكيره، جامح كفنه الرائع. ذلك الفن الذي يضعه في مقدمة كتاب العصر التقدميين والذي تنبض أرجاؤه بتلك العالمية الواسعة وذلك الهم الذي يحمله فوق ظهره في سبيل الإنسانية وخيرها.