عداوة وحقداً موروثاً لأسباب تاريخية لا يجهلها أحد، فهي تثأر منهم وتنكل بهم وتحرمهم أبسط حقوق الإنسان وهو حق الحياة وحق التعلم وحق الصحة. . .
إن عاراً على فرنسا أن تظل جامدة في أسلوب حكمها للمغرب العربي مع أن الإنجليز ابتدءوا يخففون وطأة حكمهم في الهند، درة تاجهم. وأصل بلاء العالم العربي بالاستعمار هو وقوعه على طريق الهند.
وإن من العار أيضاً عليها أن تعرض مثل هذه المناظر للذين ابتلوا بحكمها. لأنها هي المسئولة عما هم فيه من تخلف وحرمان ولو شاءت لرفعتهم واجتهدت في وصلهم بقافلة الإنسانية السائرة. والذين يملكون حظائر للحيوانات يجتهدون أن يعرضوا منها على عيون الناس للفخر بما تصل إليه من شبع وسمن وصحة وسعادة، ولو أنها تذهب بتلك الحيوانات أخيراً للمذبح، أو تجز صوفها أو تأخذ لبنها أو تستخدمها في حرث الأرض وزرعها. فلماذا تعرض فرنسا مثل هذه المناظر التعسة لهؤلاء الذين انحطت بهم عن مستوى الحيوان؟! ألا إنها شهادة مسجلة على فرنسا، سجلتها بيدها لتثير بذلك لعنات الأحرار وسخطهم عليها!.
لقد طالما ذكرنا فرنسا برسالتها الإنسانية التي هي تاج مجدها الحقيقي، والعنصر الباقي لفخرها على مدى الزمان، ولكن الذين في مصر من الفرنسيين أصدقائهم يلوح لي أنهم لا يحركون ساكنا ولا يأبهون للتذكير، وقد أخذتهم سكرة الثقة بقوة فرنسا وغلبها على هؤلاء الضعفاء المبتلين بها.
ولكن لتعلم فرنسا أن الفخر الدولي قد سطع على أوكار الرجعية السياسية الجامدة التي تنقل جراثيم الطغيان والجهالة إلى محيط العالم الواسع كله، فلم تعد العين الإنسانية تطيق أن ترى مثل هذه المناظر التي تذكرها بأشنع صور القسوة الجاهلية، ولتعلم فرنسا أيضاً أن مجدها قد أخذ في الأفول منذ أن تخلت عن رسالتها الإنسانية، رسالة ثورتها، وأن سمعتها قد ساءت بواسطة حكمها للمغرب العربي ذلك الحكم العنيف المظلم الذي يحرم المحكومين النور والصحة والعلم ثم يعرضهم على رءوس الإشهاد ليسمع بهم وليمن عليهم بأكلة ثريد! بينما يأكل أكبادهم بالمرض ويطمس وجوههم بالفقر، وعقولهم بالجهل، ثم يشنع عليهم وينسب إليهم وإلى دينهم ونظام حياتهم ما هم فيه من شقاء.
وإن وجوه هؤلاء الأطفال الذين خصهم ذلك الشريط السينمائي بالتفاته لها مغزاها في