نسيت أليم عذابها وتذكرت ... في (ميسلون) دم الشهيد النازح
من هبّ في غسق الظلام يحوطها ... بذراع مقتتل وصدر مكافح
وتسمعت صوتاً فكان هتافه ... يا للحبيب من المحب البائح!
أماه! خانتني المقادر فاغفري ... قَدَري، وإن قل الفداء فسامحي!
(فيحاء) إن نَصَّتْ حواليك القرى ... أعلامها، وازَّينت بمصابح
وتواكب الفرسانُ فيك وأقبلوا ... بالغار بين عصائب ووشائح
وشدا الرعاة الملهمون وأغرقوا ... أبهاء ليلك في خِضَمَّ مفارح
أقبلت بين صفوفهم متقرباً ... بأزاهري، مترنماً بمدائحي
حيث الشهيد رنا لمطلع فجره ... ورأى الغمائم في الفضاء الفاسح
وتلفتت لك روحه فتمثلت ... وجه البطولة في أرق ملامح
حيث الربى في (ميسلون) كأنما ... تهفو إليه بزهرها المتفاوح
وكأنما غسلته (بغدادية) ... بدموع مَلْك في ثراك مراوح
أسعى إليه بكل ما جمعت يدي ... وبكل ما ضمت عليه جوانحي
وهو الحقيق بأن أحيى باسمه ... في الشرق كل مناضل ومنافح
من كل نجد نافض مما اقتني ... يدَه، ووهاب الحشاشة مانح
أو كل فاد بالحياة عشيره ... لا القولِ في خُدَع الخيال السانح
قل للدعاة المحسنين ظنونهم ... بالغرب ماذا في السراب لماتح؟
لاتغرينكمو وعود محالف ... يطأ الممالك في ادعاء مصالح
تمضي السنون وأنتمو في وعده ... تتقلبون على ظهور أراجح
والله لو حسر القناع لراعكم ... قَيْدٌ أُعدَّ لكم وخنجر ذابح
من كل مصاص الدماء منوم ... يدعي بمنقذ أمة ومصالح
يا (يوسف) العظمات غرسك لم يضع ... وجناه أخلد من نتاج قرائح
قم لحظة وأنظر (دمشق) وقل لها ... عاد الكمِيُّ مع النفير الصادح
ودعاك يا بنت العروبة فانهضي ... واستقبلي الفجر الجديد وصافحي
علي محمود طه