إن أولى الناس بحق تقرير المصير أمم الدومنيون، فإن ما بينها من بعُد الشقة وعوامل الفرقة وكمال الانفصال يجعل علاقة بعضها ببعض علاقة (أسطولية) لا يجددها مدد من الطبيعة، ولا يؤيدها سند من الحق. وإن أعجب ما في منطق القوم أن التاج الذي يجمع بين أوتاوا وكَمبِرَّا، وبين لندن والكاب، وكل مدينة منها في جهة من جهات الدنيا الأربع، ينكر على تاج مثله أن يجمع بين القاهرة والخرطوم وهما بلدان صنوان عربيان يقعان في قطر واحد، ويُسقيان بماء واحد؟!
يا إخواننا في أعالي الوادي! إذا كان رضاع الثدي يؤاخي بين الجيران، ورضاع الكأس يؤاخي بين الندمان، فكيف لا يؤاخي رضاع النيل بين مصر والسودان؟ ليس فينا ولا فيكم من لم يجر في دمائه والحمد لله رحيق أُوغندَه، ولكن فيكم نفراً يجري في عروقهم والعياذ بالله وِسْكى اسكتلندَه!