للاختيار؛ ولكن الواقع أنه يمكن أن نثبت أنه في كل حالة توجد عوامل عقلية خفية هي التي تحدد نوعي الترابط، وهذه العوامل تكون مجهولة لدينا في اللحظة التي تبدأ فيها عملها، ولتوضيح ذلك أضرب لكم المثل الآتي:
حدث في يوم من الأيام بينما كنت أعالج شاباً أن ذكرت له شيئاً عن هذا الموضوع وأكدت له أنه على الرغم من الحرية الظاهرة في الاختيار في مثل هذه الحالات فإننا في الحقيقة لا نستطيع أن نفكر في أي اسم لا يمكن أن نثبت أن الظروف المحيطة بالشخص الذي نقوم معه بالتجربة، وسجيته والحالة التي كان عليها هي التي تحدد هذا الاسم. ولما كان بطبعه ميالاً إلى الشك فقد عرضت عليه أن يقوم بالتجربة في التو واللحظة. وقد سهلت له الأمر بأن طلبت منه أن يفكر في اسم امرأة من صاحباته لما كنت اعلم عن علاقاته المتعددة بكثير من الفتيات والنساء. ولكنه لدهشتي، أو لدهشته على الأصح، لم يغمرني على الفور بسيل من الأسماء، وإنما ظل ساكناً مدة ثم اعترف بان الاسم الوحيد الذي خطر على باله في هذه المدة هو ألبين ولكن الأغرب من ذلك هو أني عندما سألته ما علاقتك بهذا الاسم وكم من النساء تعرفت به؟ أخبرني أنه لا يعرف أحداً بهذا الاسم وأن لا أفكار لديه يربطها به. وقد يظن المرء أن التجربة قد فشلت، ولكن لا، فقد تم التحليل ولسنا في حاجة إلى أفكار أخرى. فالشاب نفسه كان أشقر بشكل غريب، فكانت في حديثي معه أثناء التحليل أداعبه بقولي له (وهي اسم الرجل الأبيض الوجه والشعر) وعلاوةً على ذلك فقد كنا في هذا الوقت منهمكين في تحليل العنصر النسوي في طبيعته. وعلى هذا فقد كان هو نفسه هذه (المرأة) التي شغلته في هذا الوقت أكثر من أي امرأة أخرى.
وكذلك الحال في الألحان التي يترنم بها الإنسان في أوقات فراغه فقد يستطيع إذا حللناها أن نصل إلى مصدرها ومعرفة الأفكار التي كانت تشغل عقلنا في هذا الوقت من غير أن نحس بها فإذا كانت الأفكار الحرة التوارد مقيدة هذا التقييد فإننا نكون على حق إذاً عندما نستنتج أن الأفكار التي تتوارد نتيجة لفكرة محركة واحدة تكون كذلك مقيدة غير مطلقة. وقد أثبتت التجارب كحقيقة واقعة إنها لا تكون متعلقة بالفكرة، المحركة فحسب، بل إنها كذلك تعتمد على ألوان من التفكير وضروب من المؤثرات القوية (أو العقد كما نسميها) لا نعلم عنها شيئاً في ذلك الوقت، أو بعبارة أخرى تعتمد على نشاط لا شعوري.