للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي يحسونها في الحياة، فهم يحاولون أن يفهموا الأمور بالتحليل والتأويل، ولا يقنعهم في هذا إلا أن يصلوا إلى طريق غريب، أو ما يحسبونه هكذا. . .

أقول هذا بمناسبة ما جاء في البريد الأوربي أخيراً عن صدور كتاب في بريطانيا بعنوان (من سريري في المستشفى) ألفه كاتب أقعده المرض في أحد المستشفيات وسجل فيه خواطره ومشاعره نحو المرض والعلاج وما انتابه من الألم، وقد استهل الكاتب كتابه بقوله: (من أكبر الخطأ أن نحسب المستشفى مكاناً للألم والبؤس، فإن الكثرة الساحقة من الذين يدخلون المستشفيات يخرجون منها صحاح الأجسام، معافي الأبدان، تاركين وراءهم الأتراح والآلام، والهموم والأسقام).

وتحدث عن شعوره بالألم فقال (إن الألم في الواقع أخف كثيراً من رهبة الألم، وفي شبابي كان أقل ألم يصيبني يقفل عيني بحجاب كثيف من الظلمة التي تبعد قلبي عن الإيمان، مع أني لم أكن في ذلك الوقت أشكو أكثر من وجع ضرس، أو خدش ذراع، وإني اليوم - بعد أن عانيت كثيراً من الآلام المبرحة - لأنظر إلى أوجاعي القديمة بعين الازدراء وأدهش لجبني القديم في احتمال آثارها التافهة الصغيرة).

ثم يقول: إن الألم ليس شراً في ذاته، بل إنه تنبيه يشير إلى وجود الشر، ويمهد للطبيب استئصال النازلة من موطنها، لذلك أرى أن إسكات الألم والعمل على تسكينه فحسب أخطر على المرء من إزالة علامات السير من شارع مزدحم بالسابلة).

ثم يختم هذه الفلسفة بقوله: (إن المرض مادة في ميثاق الحياة، فبعض الناس يحيون بدون كتب أو نزهات أو موسيقى، والأسكيمو يعيشون على نصيب ضئيل من نور الشمس، وأهالي جزر الباسفيك لا يقدمون الثلج وليست لهم به حاجة، والرهبان والراهبات يحرمون أنفسهم كثيراً من الملذات، ولكن الجميع يصرون على استكمال حياتهم إذا شابها شيء من نقص، أو اعتراها أثر من مرض. . .).

الحدود الإنسانية:

هذا عنوان كتاب ألفه أحد العلماء في جامعة تكساس بأمريكا وجعل قوامه دعوة موجهة إلى رجال العلم والفكر أن يوجهوا اهتمامهم إلى دراسة الإنسان وأن يعنوا بإنشاء فرع من العلوم هدفه فهم الإنسان على حقيقته:

<<  <  ج:
ص:  >  >>