أثناء التفسير يمكن أن نقرنه بهذا العامل، أعني أنه في بعض الأحيان قد تكفي أفكار قليلة أو فكرة واحدة فقط للوصول من عنصر الحلم إلى الأفكار اللاشعورية التي تستتر وراءه، بينما في أحيان أخرى قد نحتاج إلى سلسلة طويلة من الأفكار المترابطة، وإلى التغلب على كثير من الاعتراضات قبل الوصول إلى غايتنا. وهذه الأفكار المترابطة يختلف عددها باختلاف شدة المقاومة، فإذا كانت المقاومة ضعيفة فإن الأفكار البديلة تكون قريبة من الأفكار اللاشعورية، أما إذا كانت المقاومة قوية فإنها تسبب تحريفاً كبيراً في الأفكار البديلة، ومن ثم نحتاج إلى طريق أطول للوصول إلى الأفكار اللاشعورية نفسها.
أظن أن من الأوفق الآن أن نختار حلماً من الأحلام ونطبق عليه طريقتنا في التفسير لنرى إن كان ما توقعناه صحيحاً أو لا؟ ولكن أي حلم نختار؟ هذه هي المشكلة. فأنتم لا تعلمون الصعوبات التي ألاقيها في ذلك، ولا أنا بمستطيع أن أفسر لكم هذه الصعوبات الآن. وقد يرى بعضكم أن الحلم الواضح الغير مشوش يكون سهل التفسير ولكنه بذلك يكون قد ارتكب خطأ كبيراً، فقد أثبت التحليل أن مثل هذه الأحلام تكون قد تعرضت إلى درجة عالية من التحريف وعلى هذا فإنني أقترح عليكم أن نختبر عنصراً واحداً فقط من الحلم ونطبق عليه طريقتنا لنرى ماذا ستكون النتيجة:
(أ) قصت علي سيدة أنها وهي طفلة كانت دائماً تحلم: (إن الله يلبس على رأسه قبعة من الورق تغطي عينيه). كيف نستطيع إذاً أن نفسر هذا الحلم إذا لم تمد لنا صاحبته يد المساعدة؟ أظنه من غير المعقول فالحلم يبدو تافهاً لا معنى له. ولكن هذه السخافة سرعان ما تختفي عندما تروي لنا السيدة أن أهلها وهي فتاة صغيرة كانوا يضعون على رأسها مثل هذه القبعة كلما جلست إلى المائدة لأنها لم تكن تكف عن النظر أطباق أخواتها لترى إن كان أحدهم قد نال نصيبا أكبر من نصيبها. ومن الواضح إن هذه القبعة كانت تستخدم كعائق يعوقها عن التلفت يميناً وشمالاً، وقد روت السيدة هذه المعلومات غير صعوبة تذكر. وقد استطاعت أن تفسر الحلم بنفسها عندما تواردت على خاطرها فكرة مترابطة أخرى قالت:(ولما كنت قد لقنت وأنا طفلة إن الله يرى كل شيء ويعلم كل شيء، فلا بد أن الحلم يعني أنني مثل الله قد رأيت وعرفت كل شيء، على الرغم من محاولتهم منعي من ذلك). أظن هذا المثل بسيطاً جداً.