الليلتين؛ وإن هذه المرأة الخارجة أرملة لعوب وصلت أسبابها بالمرابي الأرمل فلان؛ فهو يلقاها كل عصر في (دار الينبوع) أو في (الحديقة الصينية)؛ وإن هذه المستلقية على الكرسي الطويل يهودية بذلت سريرها لصديق زوجها فانتحر الزوج وأفلس الصديق؛ وهي الآن في حضن صاحب سينما. . .
ثم أسترق السمع حيناً إلى جماعة الرجال فلا أجدهم يخوضون إلا في الهجر والنكر، ففلان أثرى بالسرقة، وفلان يتجر بالفحش، وفلان قضى بهذا الفندق شهرين ثم لم يعط الخدم يوم سافر إلا قرشاً صاغاً كان من نصيب الخادم الذي نقل له الحقائب. فإذا أفضى بهم الحديث إلى قضية المصريين والإنجليز مطوا الشفاه، وعوجوا الأفواه، وقاموا على أنفسهم خلطاً أسود من الغمز بنا والطعن فينا، وأخونا الشرقي المقبع الذي يناقلهم الحديث لم يرد أن يقول لهم ولنفسه:(حسبكم! فإن لحم أشداقكم التي تلوونها بالبذاء، وشحم أعناقكم التي تثنونها بالكبرياء، هما من ضيافة هذه البلاد!) ولكن المجتمع الأجنبي هنا كأكثر المجتمعات الأجنبية في كل مكان: نسيج من عمل الشيطان، لحمته الجناية على الأخلاق، وسداه الزراية على مصر.