المألوفة. هذه الرغبات التي تخضع للرقابة يبدو أنها تنبع من جحيم حقيقي فنحن عندما نقف على معناها في أثناء اليقظة يبدو لنا أنه لا توجد رقابة كافية لردع الرغبات. على إن الأحلام ليست مسئولة عن هذا المحتوى الأثيم، فأنتم بالتأكيد لم تنسوا بعد أن وظيفة الحلم التي لا ضرر منها بل النافعة هي المحافظة على النوم من عوامل القلق والإزعاج. فالإثم والفجور ليسا من طبيعة الحلم، وأنتم في الواقع تعلمون أن هناك أحلاماً تعمل على تصريف رغبات مباحة، أو حاجات جسمية ملحة. وصحيح أنه لا يوجد تحريف في هذه الأحلام ولكن ذلك لأنها لا حاجة لها به فهي تستطيع أن تؤدي وظيفتها من غير أن تجرح الشعور الأخلاقي أو الثقافي للذات. تذكروا أيضا أن درجة التحريف تتناسب مع عاملين فهي من ناحية تزداد كلما كانت الرغبات التي تحت المراقبة اشد بشاعة ولكنها كذلك تزداد كلما كانت مطالبة الرقابة اشد صرامة. ولهذا فالرقابة الصارمة في الفتاة المحافظة التي تربت تربية قويمة قد تسبب تحريف أحلام نراها نحن رجال الطب، تصريفاً مباحاً لرغبات جنسية لا ضرر منها، وقد ترى الفتاة نفسها هذا الرأي عندما يتقدم بها العمر عشر سنوات أخرى.
وفضلا عن ذلك فنحن لم نتقدم بعد في طريق النجاح لدرجة تجعلنا نستشيط غضباً للنتيجة التي وصلنا إليها من عملية التفسير فاغلب الظن أننا لم نفهمها بعد كما يجب، ولكن يتحتم علينا قبل كل شيء أن نعمل على تحصين هذه النتيجة ضد الهجمات التي قد تتعرض لها، فإنه لا يصعب عليكم أن تدركوا النقط الضعيفة التي فيها. فنحن بنينا طريقتنا في التفسير على فروض فرضناها من مبدأ الأمر وهي: أن الأحلام ليست خالية من المعنى، وأن النظرية القائلة بأن العمليات قد تكون لا شعورية لبعض الوقت، كما هو الحال في التنويم المغناطيسي، يمكن تطبيقها أيضاً في حالة النوم الطبيعي، وأخيراً أن من الممكن تحديد كل الأفكار المترابطة. فلو أننا تمكنا بمساعدة هذه الفروض من الوصول إلى نتيجة معقولة لحق لنا أن نستنتج من ذلك أننا كنا على صوب في فرضها. ولكن ما هو العمل والنتيجة التي وصلنا إليها كما ترون؟ أظن أنه يبدو طبيعياً في هذه الحالة أن تقولوا: (هذه النتائج من التفاهة بمكان فهي مستحيلة الوقوع أو على أقل تقدير بعيدة الاحتمال، فلا بد إذاً من وجود خطأ ما في الفروض التي فرضناها؛ فإما أن الحلم ليس ظاهرة عقلية كما تخيلنا، أو