حجرا خاصة زينوا جدرانها بالصور الزيتية الفكاهية التي تلائم مزاج الأطفال. . .
كما أن بومبي كانت لها معابد فخمة صدعتها الزلازل فأودت بمعظم عمدانها الكورنتية الأنيقة. . . وقد شيدها القوم زلفى للآلهة حتى يغمضوا أعينهم عما يقترفونه من كبار الآثام الخلقية بين جدران هذه المدينة المتهتكة. . .
كذلك الآلهة المصرية ايزيس، التي ذاع صيتها في العالم القديم وعظم شأنها، لها معبد خاص في بومبي، وقد عبدها الرومان في صورة سيدة رومانية!
وقد شاهدت تمثالها في متحف نابولي. . .
وهناك حي للمتبذلات كن يقبلن من أهل المرح وعودهم بان يدفعوا شيئا. . . وشاهدت في إحدى الحجرات اسما منقوشا على الحائط يتعهد صاحبه بان يدفع الإتاوة في الزيارة المقبلة!
وشوارع بومبي مرصوفة مرصعة بالحجر، وقد وضعوا في مفترقاتها أحجاراً بعلو الأرصفة، ليعبر عنها المارة من الشعب في الأيام الممطرة، أما المترفون فكانوا يسيرون في عربات محمولة على أكتاف عبيدهم. . .
ولكن يلوح لي أن أهالي بومبي قد بالغوا في الاستهتار واقتراف الرذائل، حتى اغضبوا الآلهة عليهم برغم ما شيدوه لهم (رشوة) من معابد، فسلطوا على المدينة جارها الرهيب بركان فيزوف فزلزل أرجاءها، وأخذ يرميها بشواظ من النار السائلة والدخان الكبريتي الخانق، حتى تصدعت قصورها ودورها، وهلك معظم أهلها، وقد رأيت على عتبة إحدى تلك الدور أسرة قد أدركتها القارعة وهي على أهبة الفرار فتحجرت جثثها، وكانوا في فرارهم يحملون حليهم، ففنوا وبقيت هذه الحلي إلى اليوم معروضة في متحف نابولي، شاهدة على حرص الإنسان حتى وهو ملاق حتفه!
أي بومبي! أيتها المدينة الساحرة كنت هوة الأخلاق وبؤرة الرذيلة، فضربتك الآلهة، فأصبحت اليوم مثلا خالدا على الدهر جزاء فجورك، وما انبث في كل شق من شقوقك من دعارة وفساد. . .
أي بومبي! أيتها المدينة الفاتنة، لقد كان ما حل بك من عقاب عدلا، حتى لتجزع الطير من ان تحوم بين أسوارك رهبة وذعرا، على رغم مضى عشرين قرنا على نكبتك!