للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثقل.

وازداد وجه المعمم حمرة ورأيته أخذ يتحمس، ولكنها حماسة من يعرف كيف يسلك في مثل هذا الموقف ما يشاكله من من مسلك:

- أنت حر في بيتك ولكن هنا لا. . . ونطق المعمم كذلك الحاء خاء كأنما هو حيال نص لا يملك له تبديلا. . .

ولم يلتفت المقبع إليه فازداد جموداً على جمود!

ولم يرع هذا العتل إلا رجلا الشيخ جميعاً تمتدان فتستقران لا على المقعد ولكن في حجره وقد ضغط الشيخ بنعليه على بطنه وهو يقول (أنا كمان حر) وأصر على جعل الحاء خاء.

وضحكت حتى تندت عيناي وضحك من شهدوا المنظر جميعاً وطار عنهم فتورهم؛ ونهض المقبع كأنما لدغته عقرب، وهو يرطن بلغته، وكأنما فمه بالوعة غصت بالماء وقد انتفخ شدقاه فازداد غلظاً على غلظ.

ونظر إلى المعمم وهو بين الضحك من فعلته وما أثارته من ضحك عام وما كللت به من نجاح أعجبه، وبين الغيظ مما يرطن به المقبع، وقال لي (ترجم حرفياً ما يقول لألقى به تحت الترام) فأحجمت وما زادت على أن ضحكت. فقال الشيخ وقد حبس ابتسامته وبدا الجد في وجهه: (أتمتنع عن ترجمة ما يقول هذا الخنزير؟. أهذه غيرتك على كرامة بني وطنك؟).

ورأيتني على رغمي قد دخلت خصما ثالثاً في القضية!

ونظرت إلى الشيخ وقلت: أفتراني يرحمك الله أتبين شيئاً مما يقول؟ ومع ذلك فهل تظنه يمتدحك ويثني عليك؟

واعجب الشيخ ردي فابتسم أو كاد ثم عاد إلى عبوسه وتقطيبه، على أنه ما لبث أن ضحك مع من ضحكوا لهذا الرد

ورأيت أني أحرجت الشيخ إذ حرمته مما أراد أن يتعلل به من جهله بما يقول خصمه وكفى الله المؤمنين القتال. . . وصار لزاماً أن يلقى بذلك المقبع تحت الترام وإلا فقد قبل شتائمه

وأنقذ المقبع من الموت المحتم تحت عجلات الترام أو قل أنقذ الشيخ من حرجه وقوف

<<  <  ج:
ص:  >  >>