ولما قاربنا دلهي، وظننا أن السفرة إنتهت، والمشقة زالت، وشرعنا نعد الأميال والدقائق، أخذت طائرتنا ترجف؛ تهبط فتعلو فلا تستقر في مستوى. وكان هو أول ما عهدت من تدثين الطائرات، فأخذ مني الخوف، وبلغ مني الدوار، وكان أمامي رفيق ركب معنا في كرتشي، فرأيته أغمض عينيه، وأعربت صفرة وجهه عما به. وما زالت طائرتنا تهبط كثيراً، ثم تجهد صاعدة لتبلغ مستواها، فيهبط بها الهواء كرة أخرى، حتى مر بي شاب من خدام الطائرة، فلم أملك أن قلت له: ما هذا؟ قال: يا سيدي نحن هابطون بعد دقائق قليلة. وأشرت إلى أحد الرفقاء سائلاً متململاً فقال: نحن في إقليم جبلي، والهواء حار، ومن هذا كان هذا الاضطراب.
هبطت الطائرة في دلهي بعد أن فعلت بنا ما فعلت، وختمت رحلتنا بما أرهبنا. . .