ما شأن هؤلاء الأموات بهذا المكان. . . وأدارت رأسها فوجدت أن الكازينو قد خلا تقريبا إلا من أشباح قليلة متناثرة. ومن هذه الأشباح. . . رجل جلس منفردا في نهاية المكان وهو يكب ثم يمزق ما يكتب. . . بأصابع عصبية ثائرة. . . فاقتربت منه في حذر ثم لمست قدمه. . . فانتفض غاضبا ودفعا بعيداً في قسوة. . . وعاد يكتب ويمزق. . . وتناثرت بعض القصاصات تحت مصباح منعزل. . . فاقتربت القطة تتذوقها وتقلبها. . . وتتأمل الخطوط السوداء العجيبة التي تملؤها. . . وقرأت بلا وعي أو فهم
(أن الحياة التي أحياها. . . خاوية. . . باردة. . . مظلمة. . . إني لا أجد نورا ضعيفا أسير فيه. . . ولا أشعر بلذة أعيش من أجلها. . . ولا بمخلوق واحد يهمني أمره. . . فالناس تتجنبني وأنا أتجنبهم. . . وقد أسمعهم يهتفون (ما أجمل هذا) فأدير عيني فلا ألمس فيما يشاهدون جمالا. . . فأدرك أنني ميت في عالم حي، وأشعر بالعذاب والنقص والحرمان وألوى وجهي لأنتحر. . . ثم أعود فأجبن وأتردد وأرجع أملا أن أعيش كما يعيش الناس. ولكني الآن سأختار المكان الذي يناسبني. . . نعم سأنتحر. . . لن أتردد هذه المرة. . . بل إني لأشعر أنني قد مت من زمن طويل وأننيأسير كالآلة الصماء. . . فماذا يضيرني إذا أوقفت هذه الآلة البغيضة. . . لن أشعر بأي شيء أكثر مما أشعر به. . . نعم سأنتحر. . . سأنتحر هنا في هذا البحر الساكن الداكن. .).
وانتهت القصاصة عند هذه الكلمات ولم تجد القطة العابثة أي شيء يثير اهتمامها في هذه الأوراق الممزقة فغادرتها وهي ترمق الرجل التعس الأحمر العينين وهو يغادر المائدة ويسير إلى الخارج في عزم وتصميم. . . ولم تعرف أين ذهب فأمره لم يكن يهمه في قليل أو كثير.
وأدارت القطة عينها مرة أخرى في المكان فوجدت أنه قد خلا إلا من جماعة الندل والخدم. . . وهؤلاء لم يكونوا يوما على علاقة طيبة معها. . . فآثرت الاكتفاء بهذه السهرة الممتعة وولت وجهها شطر بيتها الدافئ اللين.
وفي الطريق شاهدت رجلا نحيلا ضئيلا يجلس في ركن مظلم، ودهشت عندما وجدته يلقى إليها بقطع كبيرة من الخبز واللحم. ولكنها لم تجد غضاضة في أن تنتقي اللحم وتترك الخبز وراحت تدور حول قدميه وقد رفعت ذيلها في سرور. . . ثم انطلقت تموء حينما