تحتوي على قصص كثيرة مختلفة في أصل الكون؛ فليس من الغريب إذن أن تقتبس شعوب أوربا المتنصرة في ذلك الحين فكرة التوراة عن بدء العالم، وان تطرح خرافاتها القديمة جانبا. فالديانة المسيحية أتت موافقة للتعاليم اليونانية.
فاستمرت الآراء والمعتقدات اليونانية في النظام الشمسي وحركته آراء ومعتقدات للناس في العصور الوسطى. ولم يحدث هناك أي تغيير جديد أو انقلاب أساسي في النظام اليوناني القديم، إلا ما زيد عليه بسبب الدين المسيحي، من إدخال فكرتي الجنة والنار فيه. وذلك ظهر بالنظام الذي تصوره الشاعر الإيطالي دانتي في منتصف القرن الثالث عشر:
تصور دانتي الأرض ثابتة في وسط الأفلاك السبعة، ووراء الفلك السابع أي فلك زحل تصور منطقة البروج مكان النجوم الثوابت، وفوق منطقة البروج ما يسميه بسماء السماوات أو عليين ووضع جهنم في وسط الأرض، وفوق الأرض تحت الأفلاك قسمه إلى طبقات مختلفة العلو، الأولى طبقة الماء من حيث تنزل الأمطار، والثانية طبقة المطهر حيث يطهر غير الواقعين في الخطيئة المميتة، وأخيراً طبقة الجنة الأرضية، وتقع ما بين فلك القمر والمطهر.
هذا النظام دليل بين على مقدار توافق العلم والدين، وامتزاج الاثنين معا بصورة يصعب فيها تميز الواحد من الآخر. ولان دانتي شاعر خيالي يتصور نظاما شمسيا يدلن على عدم سير العلم حينئذ في الطريق الذي يضمن له التقدم الصديد أو الانقلاب إلى ما هو صحيح وغير ذلك، فقد كان الاعتقاد الشديد بان منقطة البروج لها تأثير في جسم الإنسان. فالإثنتا عشر برجا كل وأحد منها له تأثير خاص على عضو خاص في جسم الإنسان، فمنها ما يؤثر على الرأس، ومنها ما يؤثر على القلب، ومنها ما يؤثر على الأطراف وباقي الأعضاء. وقد تخيلوا أيضاً إن بعض الكرات التي تدور عليها السيارات تختلف بحسب نظام خاص في العدد والموسيقى، وان هذه الكرات تحدث في دورانها نغمات متلائمة، لا يحظى بسماعها إلا أناس مخصصون. وهذه النغمات هي ما يسمونه بموسيقى الأفلاك تصعد لتمجيد الله الجالس فوق الأفلاك في سماء السماوات.
وأما لماذا لم يتقدم العلم في العصور الوسطى، فذلك ليس لتناقض العلم والدين، وعدم مقدرة الشعب والكنيسة على التوفيق بينهما، كما قال الدكتور سارطن بل لأن الديانة المسيحية