للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك عن تصريح ٢٨ فبراير الذي استخلصه ثروت باشا من الإنجليز وتأليف حزب الأحرار الدستوريين؛ ثم أشار إلى العقاب التي أقيمت في سبيل ثروت باشا فأودت بوزارته وذلك بعد أن قامت لجنة الثلاثين بوضع مشروع الدستور المصري، وواصل الحديث عن وزارة نسيم باشا وما كانت تحاوله من مسخ مشروع الدستور وإلى كفاح جميع الأحزاب في هذا السبيل حتى ظفرت البلاد بدستورها بعد أن حذف منه كل ما يتصل بالسودان، وأخذ يتقصى ما توالى من الحوادث بعد ذلك من تأليف حزب الاتحاد في سنة ١٩٢٥ والانتخابات التي أجرتها حكومته، وما انتهى إليه الأمر من ائتلاف الأحزاب في سنة ١٩٢٦ والانتخابات التي دعا إليها الاتحاد وتأليف الوزارات الائتلافية، وزارة عدلي باشا في يونية سنة ١٩٢٦ ووزارة ثروت باشا في إبريل سنة ١٩٢٧، وظل يساير الحوادث ويعللها إلى أن مات سعد في ٢٣ أغسطس سنة ١٩٢٧.

هذه لمحة دالة على بعض ما جاء في هذا الكتاب الذي تتحدث عنه اليوم. وليس الشأن في عرض الحوادث وإيراد الوقائع لأن ذلك أمر يسير على من يتتبعها أو يتطلبها وإنما الشأن كل الشأن في تعليل هذه الحوادث والحكم عليها بالحق والعدل من غير مجاملة ولا خوف رضى الناس عن هذا الحكم أو غضبوا.

لقد كانت الحقبة التي بين سنة ١٩٢١و١٩٢٦ من أصعب الحقب التي مرت على البلاد، فيها اجتازت القضية المصرية أشق مراحلها وأوعرها وذلك بما تجلى فيها من الصراع الداخلي بين زعماء البلاد وقادتها، وكان منشأ الخلاف التنازع على رئاسة المفاوضات واستعر لهيب هذا الخلاف حتى شمل البلاد جميعاً فانقسمت الأمة شيعاً وتفرق جمعها بدداً، والتنازع ولا ريب يؤدي إلى فشل الأمة وذهاب ريحها، ثم امتد هذا الخلاف إلى الدستور وكيف تحكم البلاد، وقد كان كل حزب يعمل في هذه الحقبة لنفسه، ولا يريد إلا أن تكون البلاد تحت حكمه.

من أجل ذلك كله وغيره كان تاريخ هذه الحقبة ثقيلاً لا تنهض به إلا النفوس الكبيرة التي لا تؤثر على الحق شيئاً ولا تهاب في سبيل الجهر به أحداً، وهذه الصفات لا تتوافر إلا في مثل المؤرخ الجليل عبد الرحمن الرافعي بك الذي قضى ما قضى من عمره المبارك في سبيل خدمة بلاده بإخلاص وأمانة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>