وقد عاد الأستاذ مظهر إلى مسألة الوجود والموجودات فأعاد ما قاله الأديب المستفسر (صابر. م) في عدد مضى من الرسالة فقال - أي الأستاذ مظهر - (إن ذلك قد يقبل في غير لغة العلم غير لغة الفلسفة. لأن هذه اللغة لا تتجوز في تحديد المعاني الدقيقة لكل لفظ. . .).
فلا نزيد على أن نعيد له ما بدأناه في الجواب على الأديب المستفسر من كلام الإمام الرازي حيث قال في المناظرات:(إن كان غرضك إظهار الفرق بين التكوين والمكون بحسب اللفظ والعبارة فإنه يقال يكوَّن يكوّن تكويناً فهو مكون وذاك مكون فالتكوين مصدر والمكون مفعول. والفرق بين المصدر والمفعول معلوم في اللغات. إلا أن الفرق الحاصل بحسب اللغات لا يوجب الفرق في الحقائق والمعاني. ألا ترى أنه يقال عدم يعدم عدماً فهو معدوم، فالعدم مصدر والمعدوم مفعول. ذلك لا يوجب الفرق بينهما في الحقيقة).
ونظن أن الإمام الرازي مفسر القرآن ومفسر مذاهب الفلاسفة يعرف في اللغة والفلسفة ما يجوز وما لا يجوز.
وقال الأستاذ مظهر يعنينا:(أما كلامه في مذهب التطور فظاهر من عباراته التي ساقها أنه لم يفرق بين البحث في التطور والبحث في نشوء الحياة، إن الأمرين مختلفين جد الاختلاف).
وهذا كلام لا يجاب عليه بالإيجاز. . . ولكن بلغة التحدي التي تبتدئ من الخط الثلث إلى (بنط ٨) في المطابع العصرية.
فنقول للأستاذ مظهر: اذكر لنا عالماً واحداً من علماء التطور، أو كتاباً واحداً من كتب التطور، أو سطراً واحداً من سطورها - يفصل بين التطور وبين نشوء الحياة في مذهب الماديين.
ونحن في الانتظار ولا نزيد.
ثم قال:(أما قول الأستاذ أن أجهل همجي لهو أصدق شعوراً بالعالم من الفيلسوف العصري الذي يحصر الحياة هذا الحصر العجيب. . . فهل نصدق حقيقة أن أجهل همجي هو أصدق شعوراً بالعالم من بلاس وكونت وكانت وداروين وبرجسون).
وعندنا نحن أن الأستاذ مظهر بحاجة إلى مراجعة برجسون وداروين وكانت ولابلاس ليعلم