وبتنا يقينا ساقط البرد والندى ... من الليل بردا يمنة عطران
نذود بذكر الله عنا من الصبا ... إذا كان قلبانا بنا يجفان
ونصدر عن أمر العفاف وربما ... نقعنا غليل القلب بالرشفان
وأنا لا ادري ماذا يفيدها ذكر الله بعد أن نقعت غليل القلب بالرشفان؟ وماذا يغني العفاف بعد أن باتا في مكان قاس خلاف الحي؟، اللهم إن هذا احتراس أدى إلى افتضاح ولكن فيه رائحة الطمأنينة على كل حال. . .
ومن العاشقات من تصرح للملأ بتقوى الله عز وجل واستحياء بعض العواقب، ولكنها تعتصم بالعقل فلا تتورط فيما تورطت فيه أم ضيغم، بل تسير في سبيلها المملوء بالشوك يقظة محاذرة، تتجنب العوائق، وتتجافى عن المزالق حتى تنتهي من المسير بسلام، والتفت معي إلى عاتكة المرية إذ تقول:
وما طعم ماء أي ماء تقوله ... تحدر من غر طوال الذوائب
بمنعرج من بطن واد تقابلت ... عليه رياح الصيف من كل جانب
نفى جريه الماء القذى عن متونه ... فما إن به عيب يتاح لشارب
بأطيب ممن يقصر الطرف دونه ... تقى الله واستحياء بعض العواقب
ثم صار حنى رأيك هل لاحظت عليها تورطاً وانزلاقاً كأم ضيغم أو وجدت في قولها ما تشم منها رائحة الريب الآثم، الحق أنها كانت لبقة ماهرة فيما نظمت، وأنا لا أدري لماذا تذكرني أبياتها بأبيات أخرى تتفق معها في الطريقة، وتخالفها في التفكير. ونحن لا يهمنا أن يكون الإطار من نوع مألوف بل نحرص على أن تكون الصورة جديدة والريشة بارعة كما جاء في قول ضاحية الهلالية:
وما وجد مسجون بصنعاء عضه ... بساقيه من صنع القيون كبول
قليل الموالي مستهام مروع ... له من بعد نومات العشى عويل
يقول له السجان أنت معذب ... غداة غد أو مسلم فقتيل
بأكثر منى لوعة يوم راعني ... فراق حبيب ما إليه سبيل
فأنت أن الطريقة الأولى هي الطريقة الثانية ولكن معنى عاتكة مكرر معاد أما أبيات ضاحية فذات تصوير مبتكر وأنت لا تستطيع أن ترجع بها إلى قائل متقدم، مهما أتعبت