كنت جم النشاط أقضي نهاري ... (كفَراش الربيع بين الزهور)
دائم الوثب لا يقر قراري ... أملأ السمع من غناء الطيور
جعل الحب كل شيء نضيرا ... وأثار الجمال كامن حسي
وسها الدهر فاغتدوت قريرا ... كل ما في الوجود يبهج نفسي
كنت أنت الجمال ملء عيوني ... كنت أنت الحياة تملك لبي
كنت أنت الهناء ملء جفوني ... كنت أنت الشعور يملأ قلبي
كنت وحي القريض ينفث سحرا ... في فؤادي فيستجيب لساني
أنظم الدر من حديثك شعرا ... أين من وقعه رقيق الأغاني؟
أعشق الكون كله في هواك ... إذ أرى الكون في هواك جميلا
أطلب المجد كي أنال رضاك ... لا أرى في الجهاد عبئاً ثقيلا
كم سقانا السرور كأساً دهاقا ... وحبانا الشباب عيشاً رضيا
كم نهلنا من الوداع رحيقا ... وشربنا الغرام عذبا شهيا
ويح نفسي أذاك عهد تولى؟ ... أم تريدين بالجفاء عتابي؟
ولعمري لقد سئمت فهلا ... آمل الوصل بعد طول العذاب؟
من رآني يهوله اليوم لوني ... واكتئابي ولوعتي وذبولي
وهن العظم في الصبابة مني ... ودهى الناس حيرتي وذهولي
يهمس الناس: قد علاه اصفرار ... ويشير العليم في غير همس
أيها الناس إن دائي خطير ... أو ليس الغرام يضني ويؤسي؟
قتل الحب كم أحل دماء ... من دماء الشباب في غير حق!
ولكم أورث النفوس عناء ... واستباح القلوب في غير رفق!
ليت قلبي يطيعني في غرامي ... حطم القلب في الهوى كبريائي
أيها القلب أنت أصل سقامي ... واكتئابي ومحنتي وبلائي
ويح نفسي! أما لهمي انتهاء؟ ... كدت أقضي صبابة ونحولا
ويح قلبي! أما لقلبي ارعواء؟ ... أو لم يأن أن يثوب قليلا؟
شهد الله، لو تحرر قلبي ... لتمنيت أن يعود أسيرا