موضوعه الصلة بين الإنسان وربه، أو أن فيه ما يحدد صلات الناس بعضهم ببعض، حقوقياً وأخلاقياً؟ وصلات الدول بعضها ببعض خاصة وعامة؟
أليس في الإسلام أخلاق، وحقوق، خاصة وعامة ودولية، وهل يجب الفصل بين هذه القواعد الحقوقية التي تبدو عند المقابلة والمقارنة أعدل وأحكم من القواعد الحقوقية الموضوعة، هل يجب الفصل بينهما وبين السياسة؟ وكيف؟ ولماذا؟
هذه هي المسألة.
فمن يثبت لنا من الدين نفسه، أنه قاصر على المسجد والعبادة وأن سورة الأنفال وسورة براءة مثلاً ليستا من القرآن، وأن آلاف الأحاديث التي اعتمد عليها الفقهاء في المعاملات لست من الدين؟ وإذا كان ذلك كله من الدين، فمن يثبت لنا كيف تكون الأمة مسلمة وهي تتمسك ببعض الدين وتترك بعضه؟
هذا وأنا لا أدعو إلى أن نأخذ الأحكام المدونة في كتب الفقه كما هي فنجعلها قانوناً ملزماً لا تبديل له ولا تغيير، ولو كانت أحكاماً اجتهادية مبنية في الأصل على عرف أو مصلحة مرسلة أو استحسان. لا، ولا أدعو إلى تحقيق ذلك بثورة مدمرة، ومظاهرة صاخبة نكتفي بأن نصيح فيها: القرآن دستورنا، الإسلام دين ودولة، لا، بل بأن ينقطع نفر من أهل العالم إلى كتب الدين والى قوانين الدول، والى تعرف حاجات العصر، ونظريات علمائه، ثم يعدوا مشروعات هذه القوانين. وهذا العمل وأن كان صامتاً خفياً، لا يعرف صاحبه ولا يطبل حول أسمه بالطبول، فهو العمل النافع، وهو كالأساس للبناء العظيم، يختفي الأساس في الأرض فلا يظهر ولكن لولاه ما قام البناء.
وملاك المر تعريف الشباب بالإسلام، و (وترجمة) كتبه إلى لسانهم، لأن الإسلام في ذاته قوة هائلة، سره فيه، وفيه دلائله، فمن عرفه على حقيقته لم يستطع إلا أن يكون مسلماً، فإذا كان العلماء حريصين حقاً على ازدهاره، وعودة أهله إليه، ورجوع الأمة الإسلامية إلى مجدها، فهذا هو الطريق.