موعد من منيته، فداهمته أشنع ميتة يموتها إنسان، فلا حول ولا قوة إلا بالله!
مات ولما يتمم جهاده الشريف، ولم يجن ثمار أدبه وفنه، وأبى حظه العاثر أن يكون موفقاً في حبه وإخلاصه، بل في حياته ومماته، فقد كان يعلم ذلك كل العلم، ويتأكده كل التأكيد، فألف قطعته الخالدة (الألم) رمزاً لذاته، وشعاراً لبؤسه، وعزفها على مسمعنا يوم كنا لديه في عاصمة الأمويين، فسحرنا بأنغامها الشجية، وغمرنا في ذهول من الحزن عميق، نرثي لحاله ونتألم، ولا غرو فحياته سلسلة آلام مبرحة، ختمت بفاجعة مروعة، قضت على آماله الجسام، وذهبت بنبوغه الرائع.
أما ورثاء نوابغ الفن علينا واجب، وذكر الفقيد البائس أوجب، فقد أديته قسطي على قدر المستطاع، كما أرجو أن يذكره كل مخلص غيور، ففي ذمة الله والتاريخ فقيدنا الكريم، وفناننا المجهول!