الذي باع فيه ملتون روايته الخالدة (الفردوس المفقود) بعشرة جنيهات؟ أم في العصر الذي كان يعيش فيه جنسون موحد اللغة الإنجليزية فلا يجد قوت يومه؟ أستغفر الله بل نحن نعيش في عصر الانتقال، في عصر تتكون فيه أجيال القراء، (فالرسالة) تطالعك كل أسبوع، والجرائد اليومية تطالعك كل صباح، وهي تؤدي عملاً نافعاً لا يفطن إليه كثير منا، فهي تخلق جيل القراء المقبل الذي سيساهم في رواج الأدب، ومتى وجد هذا الجيل فلا شك في تطور الأدب تطوراً آخر غير ما نراه الآن.
وإني أرى بعين المستقبل أديباً كبيراً يقول لنا كما قال ماكولي عن أدباء عصره:(إنهم ينعمون بالثراء ومباهج الحياة، بينما أشباههم ونظراؤهم من سبعين عاماً كانوا يتضورون جوعاً.) غير أني أدعو الله أن تكون هذه الفترة في تاريخ أدبنا أقل من سبعين سنة، فأنها وإن كانت قليلة في أعمار الأمم طويلة في حياة الأفراد.