بها وما يراد فيها، ثم تعقب على ذلك بتذكير الناس بأن في بلادهم مواطنين من يهود - هم كما يقولون - أهل ذمة، لهم ما لأهل الذمة والمعاهدين من الأحكام في ديننا ودين نبينا. وقرأت أيضاً بياناً من (هيئة وادي النيل) أذاعه رئيسها سعادة محمد علي علوية باشا يقول لنا فيه: (إن لكم مواطنين من اليهود في مصر، لهم ما لكم وعليهم ما عليكم. وقد شاعت حولهم شائعات السوء فقيل إنهم يمدون الصهيونية بالمال، وأنهم يضنون بما لهم فلا يساهمون معكم في رد عدوان الباغين. ونحن على يقين من أن إخواننا اليهود في مصر - وهم أصحاب الملايين - سيبذلون من مالهم للعروبة في محنتها كما تبذلون، وسيسارعون إلى تكذيب هذه الشائعات ببذلهم وعطائهم لا بأقوالهم وتصريحاتهم). .
ولست أدري ما الذي يحمل هؤلاء القوم على ركوب هذا المركب في تغطية عيون الناس عن أفاعيل يهود منذ كان لهم على هذه الأرض مكان يسرحون فيه؟ فإذا كانوا يريدون أن لا تقع الفتنة بين يهود مصر وبيننا، فكفاهم أن يذكروا أن العرب والمسلمين منذ كانوا لم يضطهدوا هذا الجنس من خلق الله إلا عقاباً لشيء جنته أيديهم؛ ثم يتركونهم وادعين لا يمسهم شر ولا عنت تحت ظل هذه الدول العربية والإسلامية. وإذا كانوا يريدون أن يفتوا الناس بأن يهود هم أهل ذمة لهم ما لأهل الذمة في أحكام الإسلام، فقد أخطئوا. ولا يستطيع متأول أن يتأول على دين الله أن هؤلاء اليهود أهل ذمة أو معاهدون كما توجب أحكام الإسلام لمن يوصف بهذه الصفة. وكان حسب هؤلاء أن يأمروا الناس بالتطوع للقتال والتبرع بالمال، وأن يصفوا لهم هذه الحرب الملعونة التي تشنها علينا العصبية الصليبية من أوربة وأمريكا، وأن ينفضوا قلوب الناس حتى يبتدروا مراكزهم في صفوف المقاتلين، فإن الحرب كما يقولون جدها جد وهزلها جد. فإذا كان هذا العبث مقبولاً يوماً ما، فإنه اليوم فت في عضد الأمة المسكينة التي أحاطت بها الأمم لتأكلها (أكل الضروس حلت له أكلاؤه). فليقلع هؤلاء الواعظون عن عظة فيها الهلاك لأقوامهم، والذل لأبنائهم، والعبودية لبلادهم.
أما النداء الذي أذاعه علوية باشا فقد أفزع كل حريص على خير أمته وبلاده. وكيف لا يفزع امرؤ يقرأ نداء موجهاً إلى عامة الشعوب العربية ثم شعب مصر خاصة وفيه هذه الثقة المطلقة بأن اليهود براء من كل فادحة تفدح في إخلاصهم للقضية العربية!! وفيه هذا