عليكم في هذه المحنة حتى تعطوا المقادة ليهود وأنتم صاغرون؟ أيها السادة لا تستهينوا، فمن استهان بعدوه فقد فرط، ومن استهان بعدوه فقد مكنه من مقاتله، ومن استهان بعدوه فقد منحه فرصة للفتك به.
واعلموا أنها الحرب بيننا وبين يهود. والحرب لا تلهو. وهذه الفئات التي تقيم في أوطان العرب من اليهود سوف تكون يوماً ما (طابوراً خامساً)، بل هي اليوم كذلك. واعلموا أن اليهود قد مرنوا على أساليب التجسس وتحسس الأخبار في هذه الحرب، وأنهم كانوا أعواناً للأمم المقاتلة في حرب الأعصاب، وأنهم قوم مردوا على النفاق منذ قديم الآزال، فكيف تأمنون جانبهم، وتطالبون قومكم أن يأمنوا جانبهم؟
ثم أراكم تدعون يهود للتبرع بأموالها في سبيل قضية العرب، بل أن يبذلوا أموالهم لتقاتلوا بها أهلهم وعشيرتهم، فبئس الشيء تطلبون. إن أول ما في هذا الجهل بالطبيعة البشرية، ثم غاية الجهل بطبيعة هذه الفئة من يهود التي ظلت أكثر من ألفي سنة تنطوي على نفسها، وتحافظ على روابطها، وتجعل دينها هو قوميتها ووطنها، لا وطن لها ولا قومية إلا اليهودية صرفاً خالصة لا تشوبها شائبة من محبة وطن له أرض وسماء، إلا أرض الميعاد - إلا فلسطين - إلا أرض إسرائيل من شاطئ الفرات إلى ضفاف النيل.
ثم ألا تخافون أن يتبرع لكم هؤلاء اليهود بآلاف من أموالهم أو أموالنا على الأصح، يخادعونكم بها ثم يهربون إلى قومهم الملايين، يعينون بها عليكم، ويكسبون بها غفلتكم عنهم وعن حركاتهم وأعمالهم ودسائسهم في قلب بلادكم؟
أيها الساسة اطلبوا سياسة أخرى غير هذه تكفيكم شر يهود. إننا لا نريد منهم مالاً، ولا نريد منهم حباً للأوطان التي أظلتهم وحمتهم، ولا نريد منهم رجالاً يقاتلون في صفوفنا، وغن ديننا لينهانا عن أن نقبل منهم شيئاً. اطلبوا أيها الناس سياسة أخرى تضمن لكم أن تعرفوا خبء يهود، وأن تصطنعوا من الأسباب ما يكفل لكم قطع أيديهم وألسنتهم عن التدسس والتجسس والمكيدة والغدر. لا تأمروا الناس بالفتك بهم، بل نحن العرب نحمي الذمار حتى عدونا نحمي ذماره، ولكن دبروا أمركم وسنوا من القوانين ما ينهى يهود الأوطان العربية عن الغدر بهذه الأوطان التي حمتهم وهم مشردون مضطهدون قد مزقهم الناس كل ممزق.
إن العالم العربي اليوم قد استيقظ من غفوة طالت، وهو اليوم لا يسمع للساسة إلا كما