عشرة يدرس خلالها نفسه من جديد، ويزن تأملاته، ويختزن تجاريبه، ويراقب أحوال الناس وتطورات المجتمع، ويراجع أعماله القديمة، ويبحث عن طرائق للتعبير الفني جديدة، ليصل إلى نوع من الفن لا علاقة له بكل ما عالج من قبل.
ولكن هل هو ساكت. .؟ أو لديه فراغ يدرس فيه ويزن ويختزن ويقارب ويراجع ويبحث؟
لقد أراد توفيق الحكيم أن يطالع آلاف الناس، وقدمته إليهم (أخبار اليوم) الواسعة الانتشار، ولكنه كان (مقلباً) لتوفيق الحكيم. . . فلم يؤد هذا التقديم إلى تأخير. . . أغلى من ثمنه!
وليت شعري، هل الإشارة إلى البحث عن فن جديد، اعتذار أو إرهاص؟ وإذا كان الثاني فكل ما نرجو ألا يكون الجديد من نوع (الحمار) و (صينية البطاطس). . .
اللغة العربية في السوربون
جاء من باريس إن الشيخ أحمد الزموري قاضي الدار البيضاء ألقى محاضرة في قاعة الاحتفالات الكبرى بكلية الحقوق بباريس، عن مصادر للشريعة الإسلامية، وأن هذه أول مرة يتاح فيها لخطيب عربي أن يعتلي منبر (السوربون) ويخطب باللغة العربية والمعروف إن (السوربون) تلقى فيها محاضرات في مختلف الثقافات والآداب ولكنها لا تكون إلا باللغة الفرنسية، وعلى هذا قد خرق الذي جرت علية لأول مرة وباللغة العربية. والاستفهام التعجبي الذي يقوم بنفسي وبنفسك، هو: أبلغ حب أبناء السين للغة أبينا يعرب بن قحطان إلى هذا الحد؟ وهل يرون حقاً إنها اللغة الثانية في العالم الجديرة بأن تأخذ مكانها إلى جانب لغتهم في السوربون؟
ولعلك تذكر - كما أذكر - تلك الصيحة التي انبعثت في العام الماضي من المغرب - بلاد القاضي المحاضر بالشكوى من منع الفرنسيين المحتلين وسائل الثقافة الصادرة في البلاد العربية من كتب وصحف، من الوصول إلى تلك البلاد التي يريدون أن يفرنسوها - نذكر هذا فنعجب لمن يتظاهرون بالتمكين للعربية في باريس وهم الذين يعملون على كتم أنفاسها في مواطنها.
أليس حقيقة الأمر إنها مظاهر استعمارية؟ ستقول ومالو إنه كسب للغة العربية مهما تكن الدواعي إليه؟ ألا تستبشر لأن العربية تزحف؟ فأقول لك: الأمر كذلك، ولكن لابد أن نلقي ضوءاً على مثل هذه الحركات لاستبانة مراميها التي هي غير مظاهرها.