لازدراد بقعة حرام سكنوا جوفه المسعور بقطعة من أملاك العرب! ومن نازع المسلمين أو العرب! فالروس تتحلب أشداقهم على ابتلاع تركية وإيران. والهندوس يجدون العطف الأوربي على عدوانهم الوحشي على أهل باكستان. وهولندة تحاول أن تمزق بجديد الأمم المتحدة إندونيسيا، وهذه الدولة لا تزال تشعر بمسامير النعل الهتلري الثقيلة تغوص في ظهورها الوطيئة البضة. وإنجلترا العجوز أن تخلى لحاميتها أمريكا طريق الشرق فتقرر الجلاء عن فلسطين لتقتطع السودان من مصر، وهو إنسان عينها ومهجة قلبهان لتجعله نقطة ارتكازها في أفريقيا، وحقيقة مجازها إلى الشرق. وفرنسا المنحلة ما زالت تفرض الباقي من سلطانها على الشمال الأفريقي كله فتقيم بينه وبين أبويه الإسلام والعروبة حاجزاً من الظلام والحصر والرقابة والتجسس، وترغمه على الاندماج بها والفناء فيها، فيستظل بغير علمه، ويتكلم بغير لغته، ويؤمن بغير دينه. ولولا ممالأة الدول ومواطأة اللصوص ومناوأة الخطوب لما ثبتت هذه القدم الناعمة في رمال الريف وصخور أطلس! وأمريكا التاجرة الطموح تصمم على أن تحول بين الشيوعية وثروة الشرق فتجعل من الإنجليز واليهود سداً كسد ذي القرنين يأخذ السودان من مصر، وفلسطين من العرب، وبقية امتداده من الإسلام. ولولا هذه النية الخبيثة لما ساعدت انجلترة على مصر في مجلس الأمن، وعاونت اليهود على العرب في جمعية الأمم المتحدة.
هاهي ذي تقسم فلسطين وبها إحدى القبلتين وثاني الحرمين قسمة ضيزى بين العرب الأصلاء واليهود الدخلاء، وتحمل الصهيونية على ضمائرها وبواخرها من أركان الأرض إلى فلسطين لينصبوا للحق كما نصبوه من قبل لعيسى، ويبذروا في القدس الشقاق للناس كما بذروه في يثرب لمحمد!
ليت شعري ما جريرة العرب والمسلمين على الأمم الأوربيين والأمريكيين. هل جريرتهم عليهم أنهم فتحوا العالم وطهروه، وأعلنوا دين الله ونشروه؟ قد يكون مع الفتح ترة العنصرية، ومع نشر الدين تعصب الكنيسة، ولكن ترة المقهور وتعصب الكاهن لم يكونا وحدهما السبب في ذلك الاستخفاف الدولي بالإسلام والعروبة؛ إنما السبب الأقوى فيما أعتقده أن المسلمين اعتمدوا على الحق دون القوة، وعولوا على القول لا على الفعل، واعتقدوا في الشخص لا في المبدأ، ونسوا أن دينهم قرآن وسيف، وتاريخهم فتح وحضارة،