فاندفع بناتنا إلى أما يعد في الغرب من مألوف الأمور، وما يعد الشرق مهما خادعنا أنفسنا من التدهور الخلقي والفوضى والأباحية، ولما انطلقت الأوانس من بعض القيود أغراهن ذلك بما سميته حرية فانزلق أكثرهن حتى وقفن على حافة الهاوية وسقط بعضهن فعلا، واعرض الشباب أو اقدموا ثم ما لبثوا أن طلقوا. . .).
وضاق فارس الحلقة بهذا الجد فقال لصاحبه:(دعنا من هذه الفلسفة: المسالة أن الزواج الآن زواج منفعة أيها العبيط؛ العبيط لا يملكها إلا الحزب الحاكم، وعلى ذلك فهذا يطلب عروسا وفدية إذا كان الوفد في الحكم، وآخر يطلبها سعدية إذا كان السعديون هم الحاكمين، ويحرص غير هذين وهو امهر منهما أن يأتي بها وفدية الوالد سعدية العم دستورية الخال كتلية الأخ، وامهر من هؤلاء من يأتي بها إنجليزية فتغنى عن الجميع على قاعدة ألمانيا فوق الجميع، ومن هذا صعب اختيار الزوجة يا عبيط)
وضحك الرفاق وقال أحدهم (مثال ذلك أن فلانا يطلب يد ابنة فلان باشا ولكنه يشترط على أبيها الدرجة الثالثة). . . وضحك الفارس وقال:(قل لأبيها أنا اقبل بالرابعة).
وعاد الفيلسوف يقول:(أف لم يطلب المال والدرجات! الجمال هو كل شئ) وقاطعة الفارس قائلا (والخلق يا حضرة الفيلسوف) وقال الفيلسوف (والخلق بالضرورة) فقال الفارس يقلد لهجته متهكما، ً يظهر انك تصنع العروسة على يدك جمال وخلق وأين ذلك وقد وصفت العصر بما وصفت؟).
والتفت الرفاق والتفت إلى الفتاة كالزهرة فتحها الربيع: فهي نضرة وفتنة وعطر وسحر وشعر، وقد وضعت كتابها على المنضدة وأخرجت إبرتها وغزلها وأعملت أناملها، دون أن تنظر إلى أحد. . . وسكن الشبان لحظة كان على رؤوسهم الطير ثم تخافتوا بينهم، وقال الفارس فيما يقرب الهمس:(أتزوج هذه ولو ذهبت درجتي ومالي. . بلا قيد ولا شرط) وقال الفيلسوف (أنا معك! أرأيت كيف يعلو الجمال على المال؟ ولكن. . . يا خسارة! تأتي هكذا وحدها إلى المقهى. . . من يدري؟) وآمن الرفاق بالجمال وقالوا نقبلها ولو كان أبوها طريد الأحزاب كلها) إلا واحدا منهم لم يتكلم قبل أبداً) كان صهيوني الملامح والنظرة فهز رأسه منكرا وقال (كلا لست معكم! والله لن اقبلها إلا ومعها الدرجة)