- ٢ -
ولملم العربان أشتاتهم ... واسترجعت هدوءها البيد
وانطلقوا إلى كثيب به ... شعاع ذاك النجم مشدود
فأبصروا فوق الثرى غادة ... لم تتشح بحسنها غيد
لها محيا هو زين الصبا ... من كبد الصباح مقدود
ساكنة الحس فلا صدرها ... رف ولا أهدابها السودُ
ونهدها ذاو كما لو ذوت ... على دواليها العناقيد
سمراء أغواها الردى فالتوى ... على يد الموت لها جيد
يشخص في نجم العلا جعنها ... كأنه بالنجم معقود
صاحوا أناهيد وراح الصدى ... يزقو أناهيد أناهيدُ
كان في الأرض لها مأتم ... وفي مقاصير العلا عيد
- ٣ -
كانت أناهيد بغياً متى ... غفا بفرعيها الفتى يسكر
تقطّر الخمر بكاساتها ... لفتية الحي وتستقطر
ولم يكن إلا جحيم الهوى ... وسادها الملتهب الأحمر
مر على خيمتها فارس ... تبارك الطيب الذي ينشر
كأن عيني مهرة أبدتا ... لها عن الفارس ما يضمر
فاختلجت للحب أعماقها ... واهتز منها الغصن المثمر
وودت السمراء لو لم يكن ... شُق عليها للهوى مئزر
ولا روت ثغر فتى قبلما ... أطل ذاك الفارس الأسمر
ثلاث ليلات تقضت كما ... لوهُن ظل الرمح أو أقصر
لا الفارس الأسمر يفضي إلى ... قلب أناهيد بما يشعر
ولا أناهيد التي جربت ... كل رُقى السحر به تظفر
حتى إذا مالت بأجفانها ... يد الكرى لطول ما تسهر