للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فقال عمر اللهم أني قد اجتهدت وقد قضيت ما علي اللهم إني أشهدك عليهم فاشهد اهـ.

وهو صريح في أنه إنما جمع الغانمين ليتلو عليهم ما رآه وما أداه إليه اجتهاده. وهو من أقوى الأدلة لما ذهب إليه الأستاذ عزام في أن أبن الخطاب إذا وقف به الأمر بين المصلحة والدليل كان من اجتهاده إيثارها عليه لاحتماله التخصيص والتأويل بخلافها وأما قول ابن جرير انهم رضوا فبعيد جدا مع كثرتهم وغيبة كثير من أولى القربى المشروط رضاهم مع شح الأنفس بالأموال بل قد أشار الأستاذ الأثري إلى حصول نزاع بين ابن الخطاب وبعض الصحابة في ذلك مما يدفع ادعاء الرضى، وقال ابن القيم ونازع في ذلك بلال وأصحابه فطلبوا منه أن يقسم بينهم الأرض التي فتحوها فقال عمر: (هذا غير المال، ولكن احبسه فيئا يجري عليكم وعلى المسلمين فقال بلال وأصحابه: اقسمها بيننا، فقال عمر: اللهم اكفني بلالاً وذويه فما حال الحول وفهم عين تطرف ثم وافق سائر الصحابة على ذلك وكذلك جرى في فتوح مصر والعراق وارض فارس وسائر البلاد التي فتحت عنوة لم يقسم منها الخلفاء الراشدون قرية واحدة ولا يصح أن يقال انه استطاب نفوسهم ووقفها برضاهم فانهم قد نزعوه في ذلك وهو يأبى عليهم ثم قال اعني ابن القيم وليس هذا الذي فعله عمر رضى الله عنه بمخالف للقرآن فان الأرض ليست من الغنايم التي أمر الله بتخميسها وقسمتها.

وقوله أن الأرض ليست من الغنايم مبنى على قول ابن الخطاب أن الأرض ليست المال ولكنه مخالف للحقيقة اللغوية وان اخذ به السادة الحنابلة كما في المقنع وغيره من كتبهم أن المسلمين إذ غنموا أرضا فتحوها بالسيف خير الإمام بين قسمتها ووقفها على المسلمين وذهب مالك إلى أن الأرض المغنومة لا تقسم بل تكون وقفا يصرف خراجها ف مصالح المسلمين وقالت الحنفية بتخيير الإمام بين أن يقسمها بين الغانمين وان يقرها لأربابها على خراج أو ينتزعها منهم ويقرها مع آخرين وذهبت الشافعية إلى أن الغانمين يملكونها بانقضاء الحرب وهم اسعد القوم في هذه القضية بالدليل وعليه فدعاء ابن الخطاب على بلال وأصحابه كان بدون مبرر وقد اخرج البخاري عن عمر انه قال: أما والذي نفسي بيده لولا أن اترك آخر الناس ليس لهم من شئ ما فتحت على قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيبر قال الشوكاني فيه تصريح بما وقع منه صلى الله عليه

<<  <  ج:
ص:  >  >>