ونحن نحاسب الدكتور مراد بمقتضى كلامه، فهو يقول في استهلال الكتاب (يتميز كل علم من غيره بموضوعه ونهجه).
وقد رأيت أن المنهج الذي وضعه مضطرب، والموضوع الذي ينص عليه لا يرضى به العلماء، وقد ناقشه العلماء منذ زمن طويل.
ذكر الأستاذ ألفرد بينيه في كتابه (النفس والجسم) إن هناك سبعة تعاريف لعلم النفس، الميثافيزيقي، والعددي، والمنهجي، والتعريف بدرجة اليقين، وبالمضمون، وبوجهة النظر، وبالقوانين العقلية. وآخر هذه التعاريف هو الصحيح.
أما الثاني، وهو الذي جاء في كتاب الدكتور مراد، وهو الموسوم بالعددي أي بتعديد المسائل التي يتناولها موضوع العلم؛ فيقول فيه الأستاذ بينيه:(إنه يفيد بالتقريب الأولى للأشياء، وفي تذكير أولئك الذين لا يشكون في أن علم النفس يدرس أفكارنا. ومهما يكن العدد الحقيقي لهؤلاء الجهال؛ فإنهم، فيما أعتقد، عدد لا يحسب له حساب).
ويقول في ص١٢ (ولتحديد العلاقة بين الظاهرة وشروطها يستعان بالطريقة الإحصائية، ويوصف القانون العلمي بأنه قانون إحصائي).
ولسنا نفهم لماذا يقصر الدكتور مراد القوانين العلمية على الإحصاء فهناك قوانين ليس من الضروري أن تقوم على الإحصاء ويكفي أن ينظر العالم إلى بعض الحالات، دون أن يستقرئ أو يحصي جميعها. مثال ذلك تمدد الحديد بالحرارة، فإننا لا نحصي كل قطعة من الحديد، وليس في مقدورنا ذلك. والمنطق الحديث الذي ينحو نحو الإحصاء لا يقول عن القانون إنه (علاقة) كما قال، بل اقتران. . . وذلك ليفادى القول بالعلية.
ولسنا ندري لماذا يقول في ص١٣ (فاللغة إذن هي حلقة التصال بين علم الاجتماع وعلم النفس) أليس ذلك مما يتنافى مع القواعد التي سنها للباحثين في التصدير حتى يهديهم سواء السبيل فقال: (فهناك خطر جسيم يهدد الباحث في هذا العلم وهو التجريد، وما ينجم عنه من التبسيط المسرف المخل الذي يتحول بسهولة إلى إبهام وغموض)
ولسنا نريد أن نتعرض لأسلوب الكتاب ولغته، فليس الكتاب في الأدب وليس صاحبه ممن درس العربية أو يحسنها، غير أننا كنا نحب أن يتجنب مثل هذه اللفظة كالبطانة عند قوله