وهوبتمان عام ١٨٩٦، ثم تحولت عنهما عام ١٨٩٧ إلى موبسان وزولا وهوجو ثم منهم إلى ترجنيف عام ١٨٩٨ ثم إلى نيتشه عام ١٩٠١ ثم إلى مكسيم جوركي ومترلنك عام ١٩٠٢ وأخيرا انتهى بها التنقل والمطاف إلى تشيكوف وواجنر عام ١٩٠٣. وإذا عرفنا هذا لا نعجب إذا رأينا اليابان تحتفل احتفالا عظيم الشأن بالعيد المئوي للشاعر شيلر، أو إذا رأيناها تخصص الصفحات الأولى من جرائدها ومجلاتها المحترمة للكتابة عن إبسن ومؤلفاته ومكانته الأدبية الممتازة عقب وفاته. لهذا يمكننا أن نعتبر الآداب الغربية نوعا من أنواع (المودة) التي تروح وتغدو كل عام بين أوربا واليابان.
ولم يعقب هذا اللقاح المتعدد الأنواع والأجناس الا نوعا من الآداب أشبه شيء بالثوب الذي تزدحم فيه الألوان دون تناسق أو تآلف أو ترتيب، ولكن يصح الآن أن نقول أن الآداب اليابانية قد تخلصت من جميع تلك العناصر الغربية بل يمكن أن نميز فيها بوضوح اتجاهين يابانيين جديدين. فانه بعد المدرسة الإنسانية التي أنشأها (سيرا كابا) عقب المدرسة الطبيعية ظهرت مدرسة أخرى جديدة تدين بالمذهب الواقعي جعلت همها مخاطبة الجماهير والتحدث إليهم عن معايب الطبقة الرأسمالية الغنية؛ وكان زعيم هذه المدرسة الجديدة (كيكوتي) الذي أسس عام ١٩١١ في اليابان جمعية أدبية أطلق عليها اسم (جمعية القصصيين) ولا يزال أثر هذه المدرسة نافذ المفعول حتى اليوم، لأن آثار (كيكوتي) وأتباعه الأدبية قد لاقت هوى في نفوس العدد الأكبر من اليابانيين لأن رجال المال هم القابضون على زمام الأمور في تلك البلاد.
أما الاتجاه الآخر فهو أن جماعة من كتاب اليابانيين الحديثين أخذوا على عاتقهم أن يصفوا في كتاباتهم حياة الطبقة الدنيا من اليابانيين أي طبقة العمال ومن إليهم، وقد تعمقوا في هذا الوصف حتى أنك تكاد تلمس بيديك في كتاباتهم هيكل البؤس والتعس المخيم على هذه الطبقة الفقيرة.
وخلاصة الموقف الأدبي الآن في اليابان هو أن هناك في الميدان أربع فرق من الأدباء تتنازع الجمهور الياباني، فالفريق الأول هم أصحاب المدرسة الكلاسيكية الذين يعشقون الآداب لذاتها، وهؤلاء يمثلون الطبقة الأرستقراطية من المجتمع، ويقفون وجها لوجه أمام الفريق الثاني أي الأدباء الذين يعبرون عما تكنه صدور الطبقة الدنيا من آلام وآمال وهموم