بارتكابهم جرائم عن غير عمد فيعاقبون عليها جميعاً في النهاية. أما سقراط وأفلاطون فرأيهما على خلاف رأيه: يريان أن المأساة لا بد أن تتفق مع القوانين فتقف البريء على المسرح إزاء المجرم ثم تحكم للأول على الثاني. وعلى الجملة فالحل عند القدماء كان يعوزه اجتماع التأثير والمغزى وهما قوامه وكماله، لأن الحوادث التي تؤدي إلى الحل كانت خارجة عن إرادة البطل صادرة عن سواه، والشقي إذا أشقته أخطاء غيره لا يكون مثلاً، وإذا أشقته أخطاء نفسه لا يستحق عطفاً. أما الحل في الفن الحديث فمن السهل اجتماع هاتين الخلتين فيه، لأن الرجل إذا أضله الهوى وأعماه الغي فتردى في هوة الشقاء وهو طيب القلب نبيل النفس، كان مثلاً قوي التأثير شديد الروعة جليل المغزى، يشعر قلبك الخوف دون أن يفزعك بالبلاء، ويثير في نفسك الرحمة دون أن يثيرك على القضاء. وليس الكاتب في حاجة إلى أن يغمس يد أشخاصه في الجرائم ليهز النفوس ويبكي العيون، فانه يجد لهم في صميم أفئدتهم العدو الكاشح، والطاغية المستبد، والسياف القاسي، وإذن يكون عذابهم ومصابهم من طريق الهوى المضل أبلغ مثلاً وأقوى أثراً وأفظع صورة. وفي ذلك يتجلى فضل الطريقة الحديثة على القديمة في الحل المحزن. أما فضلها عليها في الحل السار فهو أظهر وأكبر، لأن هوى النفس مقروناً بسلامة القلب لا يقابل على المسرح بما تقابل به الدناءة الغريزية والشر الصادر عن روية من الزراية والمقت. وإذن يستطيع الكاتب أن يجد للبطل الذي أضله هواه مخرجاً من شقوته ومخلصاً من ورطته، وهو جازم بوقوع هذا الحل السار من نفوس المشاهدين موقع الرضا والمسرة، لأنهم طالما ابتأسوا لبؤسه، وشقيت نفوسهم لشقاء نفسه.
ويجمل بنا قبل أن نفرغ من الحل أن ننبه الكتاب إلى عيب أصلي من عيوبه وهو الطول.
ومنشأ ذلك العيب سوء توزيع العمل على خمسة فصول، فيجعلون الفصل الأول للعرض، والثلاثة التالية للتعقيد، والخامس للحل. وطبيعة ذلك التقسيم تقضي بأن يبلغ الخطر أقصى درجته ومنتهى قوته في الفصل الرابع. فإذا جاء الفصل الخامس وجد الكاتب نفسه مضطراً أن يحل العقدة ببطء وتدرج ليملأه، فيطول بذلك الحل ويفتر، والجاذبية إذا انتهت في الزيادة بدأت في النقص، أو هي كالنار تغذى بالوقود فإذا ما سكت عنها انطفأت. فينبغي الإسراع فيه على شرط ألا تضر السرعة بالإمكانية، ولا الإمكانية بالشك. أما حل الملهاة