ذهب الظلام، وتلك أنغامي ... تهتز بين أشعة الفجر
قومي نغني غنوة الحب ... فو الربا الريانة العشب
ما بال هذا الواله الصب ... لا يستقر اليوم في صدري؟!
ما باله كالطائر النزق ... طال الحنين به إلى الأُفُق؟
تمضي الحياة به على قلق ... من ذلة الحرمان والأسر!
قومي اسأليه الآن في عطف ... ماذا تريد؟ وما الذي تُخفي؟
سيجيب: أمنيتي التي تشفي ... هي قبلة من ثغرك البِكْر
هي قبلة تُهدي إلى نفسي ... أمل الشباب، وبهجة العرس
وتنير مثل أشعة الشمس ... فيذوب فيها كالندى عمري
ساعي البريد
للأستاذ شفيق معلوف
ساعي البريد وما ينفك منطلقاً ... وكل باب عليه غير موصود
يسعى بأكداس أوراق مغلفة ... تفوح منهن أطياب المواعيد
خلف النوافذ أجفان مشوقة ... إليه تخفق من وجد وتسهيد
بدا فهز عقود الغيد مقدمه ... هز النسيم لحبات العناقيد
كم قبلة من فم العشاق يحملها ... علي يديه ويهديها إلى الغيد
يا ساعياً بابتسامات توزعها ... على الشفاه بلا منٍّ وترديد
كم وجه أم عجوز إن برزت له ... لم تُبق من أثر فيه لتجعيد
تلقي إليها كتاباً إن يصب يدها ... شدته باليد بين النحر والجيد
كأن كل غلاف منك ملتحف ... بابن إلى صدر تلك الأم مردود
وكم وكم رقعة كالحظ مشرقة ... وهبتها كل كابي الحظ منكود
يا واهباً كل بشرى حين جدت بها ... راحت تكذب عنك الفقر بالجود
أبعدَ بذْلك فينا ما بذلت نرى ... عينيك في مأتم والناس في عيد
لو تعلم الناس يوماً أنها سلخت ... أيامها البيض من ليلاتك السود!