وكانت الزوجة قد أخذت بهذا التطور السريع في سير (المعركة) فلم تستطع أن تتكلم أو تتحرك أو حتى أن تفكر، ولكنها استردت بعض جأشها فقالت لابنها: اخرج يا علي. فخرج يمشي في خطوة عسكرية كأنه طالب في الكلية الحربية أو في كلية البوليس لا في كلية الزراعة ولكن لا غرو فالولد سر أبيه.
نظرت الزوجة خلسة إلى زوجها فوجدت الدموع تترقرق في عينيه فوضعت وجهها بين يديها وأجهشت بالبكاء، فتمالك الرجل نفسه بسرعة وقال لها: لا تبكي ولا تحزني فلابد من طرده من البيت. غير أن الزوجة رفعت رأسها بسرعة وقالت له:
- ماذا تقول؟
- أقول إن هذا الولد يحزننا ويتحدانا، وسيفسد أخلاق إخوته، وقد حصل عل التوجيهية وأصبح قادراً على الاستقلال بنفسه فليذهب إلى جهنم إذن.
- ألم يكمل لك أبوك دراستك؟
- كان أبير يضربني (بالمركوب) فلا أرفع عيني فيه.
- ذلك زمن وهذا زمن.
- فهمت الآن. أنت التي دللته وأفسدت أخلاقه. أخرجي معه إذن.
- أنا أخرج معه! أتطردني!
- يجب أن يكون بيتي مثال النظام والطاعة وحسن الأخلاق
- وماذا صنع ابنك حتى استحق منك كل هذا؟!
- ألا تعلمين أنه ينفق ثلث مرتبنا وحده في القاهرة على ملذاته، ولولا الفدانان لمتنا جوعا.
- أتستطيع أنت أن تعيش الآن في القاهرة بما يعيش به؟
- كنت أعيش بربع هذا المبلغ. إن ابنك يدخن ويحب أيضاً يا عزيزتي!
- يحب! يحب من؟
- يحب طالبة معه في الكلية.
- لا تصدق هذا الكلام. إنه لا يزال في الثامنة عشرة.
- ولكنها هي تزيد على العشرين واسمها سعدية عبد العظيم.