كانت الآنسة سعدية عبد العظيم مضطجعة على سريرها تقرأ في كتاب (الكيمياء الصناعية) وكانت أمها تقف بجوارها تكاد تطفر الدموع من عينيها وتقول لها:
- ردي عليّ يا سعدية. اسمعي كلامي! أنا أمك.
- كلمة واحدة! لن أتزوجه.
- أهذا كلام عاقلة؟ حسين بك الغني العظيم ترفضه فتاة فقيرة!
- عجوز وقبيح الشكل والأخلاق!
- يا ندامة يا بنتي! الرجل عيبه جيبه. ما له حسين بك سيد الرجال!!
- لا أريده.
كوني عاقلة يا سعدية. حسين بك هو الذي يؤجر والدك أطيانه ونحن مدينون له بألفي جنيه وقد وعد بالتنازل عنها وتخفيض الإيجار أيضاً، وسيعطيك (شبكة) جميلة ثمينة ولا يطلب منا أي جهاز. وهذا كنزٌ يا ابنتي نزل علينا من السماء.
- وكانت سعدية قد عادت إلى القراءة في كتابها وكأنها لم تسمع شيئاً من هذه المحاضرة الطويلة المغرية. فابتسمت أمها وقالت: خلاص! سأقول لوالدك إنها موافقة.
- من قال ذلك؟ يستحيل! يستحيل! تزوجوه أنتم! أما أنا فلا.
وهنا لم تتمالك الأم نفسها فأخذت تجهش بالبكاء وتلطم خديها وتقول. يا خسارة التربية! ستخربين بيتنا يا فاجرة.
لا كنْتِ ولا كانت أيامك. وكأنما تأثرت ابنتها فاعتدلت وقالت لأمها بصوت كأنه صادر من القبر. سأعمل ما فيه راحتكم.
وأسرعت الأم تزف إلى زوجها هذه البشرى.
أما سعدية فكانت تناجي نفسها قائلة: يريدون أن يبيعوني له كأنني سلعة أو جارية! وما ذنبي أنا إذا كان سي حسين بك يظلم أي في الإيجار وهو يريد تخفيض الإيجار، فيطلب