للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسلب، وحمتهم في إجرامهم وعضدتهم سيدة البحار صديقة العرب التقليدية! أجل مهدت لهم هذه الدولة الأفعوانة الرقطاء طريق الغزو ومنعت العرب من الدفاع عن أنفسهم وحالت دون الوصول إليهم. . . إن العين لتدمع والفؤاد ليبكي دماً على ما ألم بأهل فلسطين من مصائب وإحن، كوارث أحدقت بهم تتضاءل أمامها كارثة الأندلس. خرجوا من ديارهم مروعين مذعورين لا يلوون على شيء، فلا الأب يعرف أين بنوه، ولا الإبن يعرف مصير أبويه تركوا في المدن المحتاجة أموالهم وأملاكهم وخرجوا على الشاطئ ناجين بأنفسهم. ولقد نيف عدد النازحين على المئين من الآلاف. وصلت طلائعهم من الكتل البشرية إلى دمشق وهم على آخر رمق يجودون بدمائهم، تتراءى لك المسغبة والمتربة والمذلة والمهانة في تقاسيم وجوههم التي تحمل الأنوف الشماء والحمية والعزة والكرامة، قوم شردهم البغي والظلم (الانكلو صهيوني) والغدر والمؤامرات الدنيئة فحلت بهم المصيبة التي تركت الرءوس بيضاً، وبيض الوجوه سوداً، لا تنفع معها شكوى ولا يجدي أنين. كل هذا وقع على مرأى ومسمع من الدول الغربية التي يتشدق زعماؤها ورؤساؤها بالسلام والوئام. والدول العربية ما فتئ رجالاتها عاكفين على القرارات والمداولات والمشاورات ولا نقول إنهم قد أخذوا غدراً ووقع الذي وقع وهم في غفلة عنه، فلقد كان هذا الأمر متوقعاً حدوثه منذ عهد بلفور المشئوم فما أعدوا له عدة، وما أقاموا له وزناً. وها هم اليوم يتحينون فرصة زوال الدولة الطاغية عن الأرض المقدسة وزوال نفوذها وسلطانها ليقفوا في اليوم الموعود أمام شذاذ الآفاق يناقشونهم الحساب، ويثأرون لبني سحنتهم ونحلتهم منهم، وتلك الدولة تخادع وتماطل ونطاول في الجلاء وتلف وتدور، كيما يتظل مسيطرة وباسطة سلطانها لتتم الوعد الذي قطعته على نفسها لإقامة الدولة الصهيونية. أفبعد الذي حصل نطلب من الأستاذ الطنطاوي والسرطاوي أن يخوضا غمار معركة قلمية في هذا السبيل والحكم فيه للسيف كما ترى؟ فأين هي السيوف العربية؟ واين هم الضاربون بها؟ وأين القوى والعتاد؟ نسأل الله السلامة والعافية للقطر الشفيق وأزالة المحنة والغمة عنه، كما أننا نسأله ونتوسل إليه أن تنقلب أسنة هذه الأقلام المرهفة في أيدي أصحابها إلى دبابات، وطيارات ومدافع، وقنابل ومتفجرات تأتي على جذور الصهاينة من أساسها؛ عندئذ يرى أستاذنا الزيات وصديقنا الطنطاوي وطه والعقاد والمازني وأحمد أمين وغيرهم من كبار

<<  <  ج:
ص:  >  >>