للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

السياسة عنوانه (الثقافة البيضاء المتوسطة) فعقب عليه الدكتور طه حسين في فصل من فصوله التي كان يكتبها بعنوان (حديث الاربعاء) واستحسن كلمة (الثقافة) ولكن لم يعجبه وصفها بالبيضاء المتوسطة. . ذاهباً إلى أن الإضافة أحسن فيقال (ثقافة البحر الأبيض المتوسط) بدلا من ذلك العنوان. . وبعد ذلك سارت الكلمة حتى الآن. وقال المحاضر إنه رجع إلى مجمع فؤاد الأول للغة العربية وسأل عن مكان كلمة (الثقافة) في أعماله، فقيل له إن المجمع لم يتعرض لها بشيء حتى الآن، سوى ما تضمنته الأصول المعدة للمعجم الوسيط من أن (الثقافة) هي الإلمام بالمعرف المختلفة إلماماً حسناً.

تصوير الكاتب لغير بيئته:

نشط الأستاذ محمود تيمور بك أخيراً في الكتابة عن القضايا والمذاهب الأدبية، ومن ذلك ما يشرته له مجلة (الاستديو) في عددها الأخير بعنوان (هل يحيا القصاص حياة أبطاله؟) وقد تعرض في هذا المقال لاتصال الفنان ببيئته وغير بيئته وأثر ذلك في فنه، وقال (ولبعض النقاد عذرهم فيما يرتأون من أن القاص يجب أن يكون قد مارس حياة الصعلكة مثلا ليجيد التصوير لشخصية الصعلوك، وأن يكون قد عاش عيشة الفلاح ليتحدث عن نفسية الفلاح) ثم قال: (على أن هذه الفكرة في وجاهتها وأصالتها، وفي صدق أمثلتها، ليست كل الرأي في هذا الصدد؛ ولا يمكن أن تكون هي الحتم اللزام الذي لا سبيل غيره إلى تجويد وإتقان؛ فقد يكفي أن يخالط الفنان طبقة من الناس، ولوناً من الحياة، نوعاً من المخالطو قل أو كثر، فسرعان ما يتأثر بهذه الطبقة وذلك اللون، وسرعان ما يجد في هذا التأثر مدرجة لإجادة الوصف والتعبير، تسعفه الفطنة، وتمده البصيرة، ويحلق به الخيال في الآفاق والأعماق).

وقال أيضاً: (ومن الطريف أن في صميم الميدان الأدبي أمثلة تثبت عكس ما يراه النقاد من أن ابن البيئة أولى من يجيد تصويرها، فقد يكون الفنان نزاعاً إلى نوع من الحياة غير الذي يحياه، طلاعاً إلى جديد من العيش، وإن كان أدنى من عيشه، وأحفل بالمشقة والكبد؛ فيبعثه الحرمان والنزوع إلى تمثل تلك الحياةالمنشودة والاستمتاع بها في عالم الخيال، ومن ثم يستبين تعبيره قوياً حياً يصور بيئة غير بيئته، وطبقة غير طبقته، وحياة غير حياته).

ولك أن تلاحظ أن ذلك ينطبق على الأستاذ تيمور نفسه، لما يشيع في قصصه من تصوير ألوان من الناس بعيدة عن حياته في طبقته، فهو إذ يفصل القول في هذه القضية، إنما

<<  <  ج:
ص:  >  >>