يقول المقريزي إن أول من بنى البيمارستان في الإسلام ودار المرضى هو الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي سنة ٨٨ هجرية وجعل فيها الأطباء وأجرى لهم الأرزاق وأمر بحبس المجذومين لئلا يخرجوا وأجرى عليهم وعلى العميان الأرزاق.
وكان في البيمارستان طريقان للعلاج. علاج خارجي أي أن المريض يتناول الدواء من اليمارستان ثم ينصرف ليتعاطاه في منزله، وعلاج داخلي يقيم المريض في أثنائه في البيمارستان في القسم والقاعة الخاصة بمرضه حتى يشفى.
ففي الطريقة الأولى كان الطبيب يجلس في محل خاص ويعاين المرضى ويعطيهم العلاج اللازم؛ وبما أن هذه المعاينة وهذا العلاج كنا يتمان في البيمارستان غالبا فقد كان يجتمع التلاميذ بحضرة أستاذهم يعاينون معه المريض ويعرفون كيفية استدلاله على المرض من أعراضه وعلائمه، وجملة ما يصفه له، والعلاج الذي يعالجه به، ومقدار الأدوية والعقاقير التي يوصى بها وطريقة استعمالها. يروى ابن النديم وكانمعاصرا لمحمد بن زكريا الرازي نقلا عن شيخ من أهل الرى (أن الرازي وكان شيخ كبيراً كان يجلس في مجلسه ودونه تلاميذه ودونهم تلاميذهم ودونهم تلاميذ أخر وكان يجيئ الرجل فيصف ما يجد لأول من تلقاه فأن كان عندهم علم وإلا تعداهم غيرهم، فإن - أصابوا وإلا تكلم الرزاي في ذلك.
إن هذه الطريقة تشبه إلى حد كبير الطريقة المتبعة الآن أو التي يجب أن تتبع في حالة مداولة الأطباء عن فحص المريض فإن الأطباء بعد أن يعاينوا المريض يجتمعون للمداولة في غرفة خاصة ويبدأ الحاضرون بإبداء آرائهم في حالة المريض متدرجين من أصغرهم سناً إلى أكبرهم؛ وذلك لأن الأطباء الكبار والمشهورين إن أبدوا رأيهم في ذلك ربما خجل الطيب الأصغر منهم بحكم سنه وإجلاله للطبيب الأكبر منه سنا ومقاما من أبداء رأي يخالف ذلك، وقد يكون أحيانا أحسن من رأي غيره وأقرب إلى الصواب.
والخلاصة أن دراسة الأطباء لحالة المريض بجانب سريره ومطالعاتهم في البيمارستانات وأخذهم دروسا عملية كانت تعد في تلك العهود - وكانت العلوم فيها على الأغلب الأعم نظرية ذات أهمية خاصة بالنظر لأهمية الطب والتبعة التي تقع على عاتق المشتغل به وللمهارة التي تستلزمها هذه المهنة.
وإن شطرا هاما من كتاب الحاوي للرازي مخصص لهذه الدروس الطبية (الأكلينيكية).