لمثلها في فروع التاريخ الأخرى، وعرض للمصادر المختلفة التي يجب الرجوع إليها من الروايات الشفوية والقصص التاريخية والحديث وكتب التاريخ والرحالة والجغرافيين ورجال الفعة، ومن النقوش والنميات والآثار، فبين لنا إلى أي حد نستطيع الاعتماد على كل مصدر من هذه المصادر، وحظ كل منها من الوثوق. فهذا القسم كما ترى خاص ببيان مناهج البحث التاريخي وبنقد المصادر.
وقد أجمع النقاد في أوربا على أن هذا القسم من أهم أقسام الكتاب وأعظمها فائدة وابتكارا؛ فإذا قرأت راعك ومنهج الأستاذ المستشرق العليم بطموحه إلى بناء التاريخ الإسلامي على أساس علمي متين دقيق. لأنه يرسم منهاجا علميا سلميا، ويصور لك ما يجب أن يتجلى به العالم من وسائل البحث والدرس والتمحيص والعرض. ولن تجد مؤلفا قبله تناول جمع المصادر الإسلامية فنقدها هذا النقد العلمي السليم. فجاء كتابه دعوة إلى منهج علمي دقيق جديد يخالف الطرق الارتجالية القدية، ويؤذن بابتداء الدراسة العلمية في التاريخ الإسلامي واتباع أمثل طرائق البحث والنقد والمقابلة. وإنما دعا الأستاذ إلى منهج طبقة بنفسه تطبيقا أدى إلى ابعد النتائج العلمية أثراً في التاريخ الإسلامي وأحراها بإظهار هذا التاريه في صورته العلمية الحقيقية. فمن من المتعالين في عصرنا قرأها؟
أما القسم الثاني من الكتاب فيتناول المراجع الأساسية العربية والإفرنجية ويعرضها عرضا شيقا حسب العصور التاريخية؛ فيبين كيفية الاستفادة منها، ووجوه النقص فيها، واتجاه الباحثين في درسها، ويبين ما درس وما لم يدرس، وقيمة ما ظهر من الدراسات. ولم يترك من المراجع الأساسية شيئا، أما المراجع الفرعية فلها مظانها المعروفة الكثيرة. وإنما أراد المؤلف بذكر الأصول تصوير علمنا بتاريخ وما بلغناه فيه فأظهر في ذلك براعة تدل على سعة العلم، وحب للتاريخ الإسلامي، وازدراء للبحث السطحي.
ثم جاء الأستاذ المنجد، فحذف القسم الأول الهام كله لم يكد يبق منه شيئا، وترجم القسم الثاني ثم أضاف أليه ما شاء من عنده، وجعل هذا كتابا!
فالأستاذ المنجد مسئول عن كتابه وحسده، والأستاذ سوقاجيه برىء منه كل البراءة. وقد تبرأ منه بنفسه علنا، ونشر رأيه في المجلة الأسيوية هذا العام. وكان يجب على ناقد (الرسالة) أن يطلع على المجلة الأسيوية ليعلم أن أستاذنا سوقاجيه لم يأذن للأستاذ المنجد