وقد هالني بل قد أفاض مدامعي ... وأضنى فؤادي بل تعدى عن الحد
فراق الذي أهواه كهلا ويافعاً ... وقلبي خلى من سعاد ومن هند
وبعد إقامته في بلاد الشرق سار مرة إلى باريس لبعض الشئون فرار قصر فرساي ودخل إلى مكان فيه صور الوقائع التي جرت بين جنوده وجنود فرنسة وكان النصر فيها لهم، فقال للجنرال المحافظ على القصر: لماذا لم تثبتوا صور الملاحم التي كانت الهزيمة فيها لجيوشكم والديرة عليهم؟ فضحك الجنرال ومن حضر من الأعيان وأيدوا كلام الأمير.
ودعاه إمبراطور فرنسة إلى معسكر شالون ليشهد معه موسم عيده، فكلمه في شئون كثيرة، ثم قال له: إن الإمام الشيخ شامل السجين عند ملك الروس يود الذهاب إلى بلاد الإسلام وقد قاربت سنه السبعين. ولما كنت في الآستانة كلمت سفير روسيا في شأنه، فقال إن الملك وعده بإطلاقه في نهاية الحرب في الداغستان، وقد انتهت، ولكن لابد من انتظار انتهاء هجرة الجراكسة من بلادهم إلى بلاد الدولة العلية. وتحدثت في الآستانة إلى الصدر الأعظم ووزير الخارجية في هذا الشأن فقالا إن الدولة العلية تقبل إقامته في بلادها. وأنا لم أعن بأمر الشيخ شامل إلا لأنه قام بما قمت به، والإنسان يميل بطبعه إلى شبيهه.
طيب الله ذكرى هذا الأمير الباسل، وأجزل له من مثوبة المجاهدين. . .