للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقد كان مختصاً بالحسن بن عبيد الله المستولي على مدينة الرملة وما انضاف إليها من البلاد الساحلية وكان مغرماً به وما يعالجه من المفردات والمركبات وعمل له عدة معاجين ولخالخ طيبة ودخناً دافعة للأوباء، وسطر ذلك في أثناء مصنفاته، ثم أدرك الدولة العلوية عند دخولها إلى الديار المصرية وصحب وزير المعز والعزيز وصنف له كتاباً كبيراً في عدة مجلدات سماه (مادة البقاء بإصلاح فساد الهواء والتحرر من ضرر الأوباء) ولقي الأطباء بمصر وحاضرهم وناظرهم، واختلط بأطباء الخاص القادمين من أهل المغرب في صحبة المغز عند قدومه والمقيمين بمصر من أهلها، وقد ألف عمار بن علي الموصلي للحاكم كتاب المنتخب في علم العين وعللها ومداواتها بالأدوية والحديد، وكان عمار كحالا مشهوراً ومعالجاً مذكوراً له خبرة بمداواة أمراض العين ودربة بأعمال الحديد، وقد وصف الموصلي في كتاب هذا طريقة عملية الكتركت الساد) بواسطة مصها بإبرة مجوفة، وربما كانت هذه الطريقة قديمة استعملها غيره قبله منذ زمن بعيد فقد قال صلاح الدين في كتابه (نور العيون) أن ثابتاً بن قرة كان معارضاً لهذه الطريقة لأن الإبرة قد تمص أغشية أخرى ولكن الموصلي يقول أنه مارس هذه العملية بنجاح تام.

ونظن القارئ الكريم بعد كل ما تقدم يخرج معنا بأن دول العرب على اختلاف أصقاعها كانت تشجع الحركات الفكرية وتمد العلماء ببالغ عنايتها، وإنه لم تكن النهضة العلمية ببغداد ثمرة التدخل الفارسي وبإيعاز من نفوذ الفرس مباشرة أو بصورة مباشرة، وقد إنهدمت صروح الفكرة التي تغلبت على قلم الأستاذ الفاضل صاحب السعادة الدكتور قاسم غني هذا، وإني أسجل إعجابي بمقالاته القيمة، راجياً أن يواصل بحوثه الفنية بالفوائد، وإن كانت لي بعض ملاحظات عسى أن أبينها قريباً، والله ولي التوفيق

(العراق - بغداد)

ضياء الدخيلي

الطيب المتمرن في المستشفى التعليمي سابقاً

<<  <  ج:
ص:  >  >>