الذي سيدهشكم الآن بأسلوبه الحضري الرقيق، وبتفكيره المصري الذي نعجز عنه ونحن فيه.
وقبل أن أعرض للأستاذ المرحوم شيئاً أود أن أقول: إنه كان من أسبق الشعراء إلى تأليف الروايات، فله في دار الكتب من عشرين سنة مضت روايتا (المهلهل) و (امرئ القيس) وله أيضاً عدة روايات وضعها للمدرسة السعيدية وقت أن كان مدرساً بها:
وكأن المرحوم شعر بحاجة المسرح المصري إلى روايات عربية سليمة التفكير رقيقة التعبير، فوضع له في سنة ١٩٠٩ رواية (ليلى العفيفة)، ولكن حظ المسرح التعس حال دون ذلك لأن الأستاذ لكثرة أعماله في مدرستي دار العلوم والقضاء الشرعي لم يستطع إتمام القصة، وحاول في أواخر أيامه أن يتمها ولكن الموت القاسي عاجله، فحرمنا من تراث أدبي نافع. على أننا سنعرض الجزء الذي كُتِب من (ليلى العفيفة) بنت لكيز، وهي التي حاربها الزمن على يد أبيها بضع سنوات، فأذاقها مُرّ الحياة وشقاء العيش، وذل الأسر. . . ولكن الله جلت قدرته أنالها سعادتها مضاعفة، ورد عليها فتى قلبها وبطل أحلامها جزاء وفائها وإخلاصها. . .
ولعل القارئ يدهش من هذا ويعجب، إذ كيف يحارب رجل ابنته ويذيقها الألم الممض، ويمنع عنها سعادتها ورفاهيتها. والمعروف أن الآباء يتسابقون إلى جلب السعادة لبناتهن؟!
ولعله لا يدهش ولا يعجب عندما أقول له: حقاً إن الآباء يفعلون هذا وأكثر من هذا، ولكنهم في مسألة واحدة، بل وفي لحظة واحدة يهدمون حياة بناتهن، ويسقونهن كأس الموت مترعة، ويقاومون شعورهن، ويتجاهلون إحساسهن، ويدفعونهن إلى الهاوية باسم المحافظة عليهن. فترى الرجل منهم عندما يعلم أن ابنته تهوى إنساناً وتحبه، وتود من صميمها أن يكون رجلها. تراه في هذه اللحظة قد تنمر وركب رأسه الأخرق، ووقف بينها وبين من تحب رافضاً زواجهما، آبياً جمعهما؛ بل يزوجها ممن يحب هو ويريد، محتجاً بأنه أعرف منها بمصلحتها! فتكون الطامة، وتكون النهاية السوداء في أغلب الأحايين!.
وهذا ما حصل فعلاً مع ليلى بنت لكيز فإنها كانت مخطوبة لابن عمها البراق، وكان الحب يجمعهما برباطه المقدس. فرأى لكيز بعقله الأخرق، وحماقته المجنونة أن يفسد هذه الخطبة، وأن يقبل خطبة عمرو بن ذي صهبان لابنته طمعاً في ماله وشجاعته!. . فأنظر