للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا كان في مقال الأستاذ الشرقاوي ما يستحق العتب، ففيه، ما يستحق المدح والثناء؛ ذلك هو تصويره الأهداف العليا التي ينبغي أن يتجه إليها المصلحون للأزهر، تصويرا جمع بين إشراق الديباجة، ووجازة اللفظ وسرف المقصد ونيل الغاية.

أرأيت إلى قوله (. . . ليكون الأزهر قواما على نهضة دينية، أساسها الفهم والإدراك وسعة الأفق، حتى يقاوم بها ما ينتاش العالم كله، من إباحية وإلحاد،) وقوله: وليستخرج في الأزهر (طائفة من الرجال، يحسون ويدركون علة هذه الأمة الإسلامية وأسباب جمودها وتخلفها، وجهالة العوام فيها وتواكلهم وضعف إيمانهم وانصرافهم عن المفيد النافع من شئون الحياة، واستهتار الخواص وأنانيتهم وجحودهم).

وكثير غير ذلك مما أطلع عليه القراء واستذوقوه واستمتعوا به.

أرأيت إلى هذا الكمال الذي يحرص الأستاذ الشرقاوي كل الحرص على أن يبلغه الأزهر؟!، وهل وراءه ما يمكن أن يطمع فيه طامع، أو يأمل فيه آمل؟!.

لكني أعتب على الأستاذ الشرقاوي مرة أخرى، حيث قد عدد أهداف الإصلاح العليا على نسق جمع بين حسن الأداء وصدق التوفيق، ثم عقب قائلا (هذا هو الإصلاح للأزهر، وهذه سبيله).

حقا إن هذا هو الإصلاح الذي تصبو إليه نفوس الغيورين، ولكن أين سبيله؟!. قرأت مقال الأستاذ الشرقاوي مرة وعاودته مرارا، فوجدت فيه الإصلاح واضحا بارزا، ولكن لم أجد فيه سبيله؛ وهل سبيل ذلك إلا مشروع واضح المعالم بين الصوى، يشخص ما ينبغي أن تقوم عليه سياسة الأزهر العلمية: ما يتصل منها بالعلم، وما ينبغي أن يتوافر فيه من كفاية ومقدرة وما يتصل منها بالكتاب وكيف ينبغي أن يكون، وبالدارسة وكيف تؤدى. وما يتصل منها بالطالب وماذا يشترط فيه، وكيف يراض من جموح، ويؤلف من شرود؛ وكيف تعقد بينه وبين العلم صلة تحببه فيه وتصرفه عن كل ما ينافيه.

هذه النواحي جديرة بالدراسة والبحث، والرسم والتخطيط؛ كان على الأستاذ الشرقاوي أن يعالجها بنيانه المشرق وهديه الوضاء؛ وإن له من تتبع سير الأمور في الأزهر منذ حداثة سنه، ومن اهتمامه بنهضته وإصلاحه، ودؤوبه على الكتابة في كل هذه الشئون، ما يجعله أهدى سبيلا إذا بحث، وأصدق قيلا إذا كتب؛ إن من يدعو إلى غاية ثم لا يدل على طريقها

<<  <  ج:
ص:  >  >>