يفسر المؤلف حركة الكواكب السيارة على أساس نظرية أرستاركس القديمة تفسيراً سهلا، تتحقق بواسطة الأرصاد. فيقول بأن الأرض وجميع الكواكب السيارة تدور حول الشمس. ولكن ما كاد ينشر الكتاب حتى قامت قيامة الكنيسة والجامعات على السواء، وأوصدوا أبوابهم من دون نظرية كبرنكس الجديدة، ووضعوا أصابعهم في آذانهم إذ لم يرق في نظرهم أن يكون مهد الإنسانية ومهبط روح الله عيسى عليه السلام على مثل ما يدعيه كبرنكس في نظريته.
ثم كانت حرب طاحنة بين الحقيقة والوهم، كان النصر فيه حليف الحقيقة؛ لأن جاليليو كان قد أبى بالبراهين العملية على صحة نظرية كبرنكس؛ فرأى بمنظاره الجديد كيف أن الزهرة تتشكل بأشكال مثل أشكال القمر. وبرهن على أن ذلك لا يكون إلا نتيجة لدورانها حول الشمس. ثم جاءت البراهين تلو البراهين على صحة نظرية كبرنكس حتى ثبتت وأصبحت مما لا يقبل الشك. وتعتبر هذه الحقيقة الحجر الأساسي في علم الفلك الحديث، بل ربما كانت هي أهم الحقائق العلمية على وجه الإطلاق.
بعد ذلك تقدمت الأبحاث العلمية في هذا الاتجاه فوجد أن الشمس بدورها ليست الا واحدة من مجموعة شموس، أو نجوم مثلها يقدر عددها بمائة ألف مليون وهذه المجموعة تسمى المجموعة المجرية، وهي المحدودة في السماء بذلك السديم العظيم المعروف (بسكة التبانة) وهي تشبه في شكلها عجلة السيارة، وتدور حول محور عمودي على سطحها مار بالمركز، وان الشمس مع ذلك ليست هي مركز المجموعة، بل ولا قريبة منه، ولذلك تدور حول المركز بمعدل مائتي ميل في الثانية.
ولما تقدمت وسائل الرصد، خطت الأبحاث العلمية خطوة كبيرة أخرى في هذا الاتجاه، فوجد أن ملايين عديدة من المجموعات كالمجموعة المجرية، وهي المعروفة بالسدائم الخارجة عن المجرة. فالسديم (م ٣١) من المرآة المسلسلة مثلا يبلغ قطره ربع قطر المجموعة المجرية، ووزنه يعادل وزن خمسة آلاف مليون شمس؛ وانه كالمجموعة المجرية يدور في الفضاء حول محور عمودي على مستوى سطحه.
وتبدو هذه المجموعات في المنظار مختلفة الأشكال نظراً لتباين أوضاعها بالنسبة إلينا. أما الأبحاث العلمية الحديثة فنسبتها كلها إلى أصل واحد وإلى سلسلة واحدة من التطورات،